انتبه إلى قوله (من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحاً) جاءت بصيغة المفرد، أما قوله:(فلأنفسهم يمهدون) جاءت بصيغة الجمع ولم يقل فلنفسه يمهد، قالوا: لأن ثواب عمله الصالح الّذي يعمله لنفسه كذلك تستفيد منه ذريته. كقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾. [الطور: ٢١].
ولماذا قدّم الكفر على الإيمان فقال:(من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحاً فلأنفسهم) أي: قدّم الكافر على الّذي يعمل صالحاً؛ لأنّ سياق الآيات في الحديث عن الفساد في البر والبحر كما قال تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ [آية: ٤١]، وكذلك قوله تعالى في الآية (٤٢): ﴿قُلْ سِيرُوا فِى الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ﴾، وكذلك لكثرة الكافرين مقارنة بعدد المؤمنين.
ولماذا قال:(من عمل صالحاً) ولم يقل آمن وعمل صالحاً؛ لأن العمل الصالح لا يُقبل إلا بالإيمان؛ أي: لا يُقبل إلا إذا كان مقترناً بالإيمان فلا داعي لذكر الإيمان، أو لأنه ذكر الإيمان في الآية القادمة (٤٥).
﴿آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾: قرن العمل الصالح بالإيمان فلا يكفي أحدهما على حدة، وقد يتعرض العمل الصالح إلى محبطات كثيرة تجعل كثيراً من الأعمال الصالحة هباءً منثوراً وعلى رأسها الشرك.