انظر إلى قوله في سورة الحج الآية (٧١): ﴿وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ﴾، وقوله في سورة الزّخرف الآية (٢٠): ﴿مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾.
الآية في سورة الحج: جاءت في سياق عبادة الأصنام الأوثان، والذين عبدوها عندهم شيء من العلم ولكنه علم قليل.
الآية في سورة الزّخرف: جاءت في عبادة الملائكة؛ أي: في سياق هؤلاء من عبدوا الملائكة وقالوا: إنّها إناث ﴿لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم﴾ [الزخرف: ٢٠]. هؤلاء ليس عندهم أدنى أو أقل علم، فهم أغبياء جداً يحتاجون إلى مقدار كبير من العلم، فقوله تعالى: ﴿مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ﴾ آكد وأقوى من قوله تعالى: ﴿وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ﴾، ولذلك قال:(إن هم إلا يخرصون)؛ لأنّ هؤلاء أوّلاً أشركوا بالله، وثانياً افتروا على الله الكذب بالقول: لو شاء الله ما عبدناهم، وثالثاً: زعموا أنّهم يعلمون الغيب بالقول: إنّ الملائكة إناث.
﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ﴾: وإذا: الواو عاطفة، إذا: ظرف زماني متضمن معنى الشّرط، ويفيد الحتمية أو كثرة الوقوع. تتلى عليهم آياتنا بينات: إذا سمعوا آيات الله تتلى عليهم من رسول الله أو الصّحابة. (ارجع إلى الآية (٤٣) من سورة سبأ): ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُّفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾. عليهم؛ أي: الّذين يجادلون في آيات الله.
﴿تَعْرِفُ فِى وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ﴾: تظهر الكراهية على وجوههم (بالغضب أو الانفعال أو العبوس)، المنكر: هنا يعني الإنكار: إنكار ما يسمعون؛ أي: عدم تصديقه واتباعه.