﴿وَمَا لَا يَنفَعُهُ﴾: إن عبده؛ أي: سواء عبده أو لم يعبده النّتيجة واحدة لا نفع ولا ضر.
﴿ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ﴾: ذلك اسم إشارة، واللام للبعد.
هو الضّلال البعيد: هو: ضمير فصل يفيد الحصر والتّوكيد، الضّلال البعيد: الضّلال البعيد جداً عن الحق والصّواب، أو الموغل في الضّلال، المستحيل الرّجوع من بعده إلى الحق. وقدّم الضّر على النّفع في هذه الآية؛ لأنّ درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة.
﴿يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَّفْعِهِ﴾: يدعو: أي: يعبد الأصنام، لمن: اللام قيل زائدة، وقيل: للابتداء وللتوكيد، مَنْ: تستعمل للعاقل، وتنزل منزلة غير العاقل بعكس الذي (فقط للعاقل). ضرّه أقرب من نفعه: أي: الضّرر النّاتج عن عبادة الأصنام، أو غير الله أقرب؛ أي: أشد أو أقوى من النّفع الحاصل من عبادتها.
إذن هناك نفع إلى حد ما في هذه الآية، بينما في الآية السّابقة نفى أن يكون لها نفعٌ أبداً، فهل هناك تناقض في الآيتين؟ الجواب: لا، أو كيف نفسر النّفع الحاصل من عبادة الأصنام، بأنّ للأصنام سدنةً وهم الواسطة بين الأصنام وعُبّادها كونهم سدنة ومسؤولين عن القيام بخدمتها ونظافتها، فهم يأخذون الأموال الطّائلة والتّبرعات الّتي تحصل في أماكن الأصنام وتعطى للفقراء والأيتام، ولكن هذا النّفع المادي مقصور على الحياة الدّنيا ثمّ يتركونه ويزول وراءهم، ومدته قصيرة أصلاً. يدعو لمن ضره في الدّنيا: قبل الآخرة، أقرب من نفعه؛ أي: ضرره في الآخرة محقق متيقن منه. فحين يموت أحدهم لا إيمان لهم،