وقد وعد الله يونس، صلى الله عليه وسلم، أن يهلك قومه، فآمنوا فلم يهلكهم فذهب مغاضبا، فعاقبه الله بحبسه في الظلمات (١) حين رأى من ربه ما أعده خلفا (٢) ، ولم يكن في الحقيقة إلا كرما وجودا.
وفي قوله - تبارك وتعالى - في أهل الأعراف:(أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٤٩)
قطع لكل لبسة لمن تدبر في هذا المعنى.
(١) قصة يونس - عليه السلام - مع قومه ذكرها الله في مواضع من كتابه، منها ما ذكره في سورة يونس آية ما وهي قوله: (فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (٩٨) وفي سورة الصافات من آية (١٣٩) وهي قوله: (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٩) إلى آية (١٤٨) وهي قوله (فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (١٤٨) ولمزيد من التفصيل راجع في ذلك تفسير الطبري (١ ١/ ١٧١) وما بعدها، و (٢٣/ ٩٨) وما بعدها، ومعالم التنزيل للبغوي (٢/ ٣٦٩) ، (٤/ ٤٢) وما بعدها، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٨٧/ ٣٨٤) ، (٥ ١/ ١ ٢ ١) وما بعدها، وتفسير ابن كثير (٤/ ١ ٢٣) ، (٣٣/٧) وما بعدها، وقصص الأنبياء لابن كثير (٥/١ ٩ ١) وما بعدها، والدر المنثور للسيوطي (٤/ ٣٩١) وما بعدها، (٧/ ١ ١٢) وما بعدها، ومع الأنبياء في القرآن الكريم لعفيف طياره ص (٣٠٦) وما بعدها. (٢) هذا بناء على أن المغاضبة كانت لله، وهو قول الحسن البصري وفيه نظر، فالأنسب بمقام النبوة أن تكون المغاضبة لقومه لأجل الله. وانظر تفسير الطبري (٧ ١/ ٧٧، ٧٨) .