فَخِذٍ وَجِلْدٍ، وَإِمَّا الضَرْبُ بِالْيَدِ عَلَى أُخْتِهَا أَو غَيْرِهَا عَلَى دُفٍّ أَو طَبْلٍ؛ كَنَاقُوسِ النَّصَارَى، وَالنَّفْخِ فِي صَفَّارَةٍ كَبُوقِ الْيَهُودِ.
فَمَن فَعَلَ هَذِهِ الْمَلَاهِي عَلَى وَجْهِ الدِّيَانَةِ وَالتَّقَرُّبِ فَلَا رَيْبَ فِي ضَلَالَتِهِ وَجَهَالَتِهِ.
وَامَّا إذَا فَعَلَهَا عَلَى وَجْهِ التَّمَتُّعِ وَالتَّلَغُبِ فَذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ: أَنَّ آلَاتِ اللَّهْوِ كُلَّهَا حَرَامٌ، فَقَد ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَخْبَرَ أَنَّهُ سَيَكونُ مِن أُمَّتِهِ مَن يَسْتَحِلُّ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَذَكَرَ أَنَّهُم يُمْسَخُونَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ.
والْمَعَازِفُ هِيَ الْمَلَاهِي كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ أَهْلُ اللُّغَةِ، جَمْعُ مِعْزَفَةٍ وَهِيَ الْآلَةُ الَّتِي يُعْزَفُ بِهَا؛ أَيْ يُصَوَّتُ بِهَا. وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِن أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ فِي آلَاتِ اللَّهْوِ نِزَاعًا. [١١/ ٥٧٣ - ٥٧٦]
١١٥٨ - مَن اتَّخَذَ الْغِنَاءَ وَالتَّصْفِيقَ عِبَادَةً وَقُرْبَةً فَقَد ضَاهَى الْمُشْرِكِينَ فِي ذَلِكَ، وَشَابَهَهُم فِيمَا لَيْسَ مِن فِعْلِ الْمُؤْمِنِينَ: الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ.
فإِنْ كَانَ يَفْعَلُهُ فِي بُيُوتِ اللهِ فَقَد زَادَ فِي مُشَابَهَتِهِ أَكْبَرَ وَأَكْبَرَ، وَاشْتَغَلَ بِهِ عَن الصَّلَاةِ وَذِكْرِ اللهِ وَدُعَائِهِ، فَقَد عَظُمَتْ مُشَابَهَتُهُ لَهُم، وَصَارَ لَهُ كِفْلٌ عَظِيمٌ مِن الذَّمِّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: ٣٥] (١). [١١/ ٥٩٦]
١١٥٩ - فِي السُّنَنِ أَنَّهُ كَانَ (٢) مَعَ ابْنِ عُمَرَ - فَمَرَّ بِرَاعٍ مَعَهُ زَمَّارَةٌ فَجَعَلَ يَقُولُ: أَتَسْمَعُ يَا نَافِعُ؟ فَلَمَّا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَا يَسْمَعُ رَفَعَ إصْبَعَيْهِ مِن أُذُنَيْهِ وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَفَعَلَ مِثْل ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو دَاوُد لَمَّا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ: هَذَا حَدِيث مُنْكَرٌ.
(١) وهذا ما نراه من حال الرافضة والصوفية في هذا الزمان.(٢) أي: نافع.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute