أولا: تعريف الرياء لغة واصطلاحا: اليراء في اللغة مشتق من الرؤية، يقال: فعله رياء؛ أي ليراه الناس، فيحصل على الصيت والذكر١.
والرياء اصطلاحا: إظهار العبادة بقصد رؤية الناس. أو التصنع للمخلوق؛ كالمسلم الذي يعمل لله، ويصلي لله، ولكنه يحسن صلاته وعمله ليمتدحه الناس٢.
ووجه المطابقة بين المعنيين: أن المرائي يقصد رؤية الناس لعمله.
ثانيا: حكم الرياء، مع الدليل
الرياء محرم بنص الكتاب والسنة. فمن الكتاب: قوله عز وجل: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}[الكهف: من الآية١١٠] ، ومن السنة: قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال"؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال:"الشرك الخفي، يقوم الرجل فيصلي، فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل" ٣. وقوله صلى الله عليه وسلم:"إن أخوف ما أخاف عليكم: الشرك الأصغر؛ الرياء؛ يقول الله يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء " ٤. وقوله صلى الله عليه وسلم:"من صلى يرائي فقد أشرك، ومن تصدق يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي فقد أشرك" ٥.
ملاحظة:
لاحظنا في الحديث الأول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمى الرياء شركا خفيا، فما وجه التسمية؟
الجواب: لأن صاحبه يظهر أن عمله لله عز وجل، ويخفي في قلبه أنه لغيره. أو: لأن صاحبه يقع فيه، دون أن يلقي له بالا.
ويشهد لهذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم:"الشرك في هذه الملة أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء" ٦.
١ انظر: لسان العرب لابن منظور ٢/ ٢٠٣-٢٠٤. والدين الخالص لصديق حسن خان ٢/ ٣٧٩. ٢ انظر: الدين الخالص لصديق خان ٢/ ٣٧٩. بيان الشرك ووسائله عند علماء الحنابلة للخميس ص١٨. ٣ أخرجه ابن ماجه في السنن، كتاب الزهد، باب الرياء والسمعة. وحسنه الألباني في صحيح الجامع ح٢٦٠٧. ٤ أخرجه الإمام أحمد في المسند ٥/ ٢٤٨، ٢٤٩. وصححه الألباني في صحيح الجامع ح١٥٥٥. ٥ أخرجه الإمام أحمد في المسند ٤/ ١٢٦. والطبراني في الكبير ٧/ ٣٣٧. والحاكم في المستدرك ٤/ ٣٢٩، وصححه، كلهم من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه. ٦ أخرجه الحاكم في المستدرك ٢/ ٢٩١، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وصحح أوله الألباني في صحيح الجامع ح٣٧٣٠.