وما كان من قسم التروك فإن الشارع يطالب العبد باجتنابه والبعد عنه، وحيث فعله مخطئا أو ناسياً فإنه لم يناقض الشرع، فالشارع يريد منه ألا يفعله أي متعمداً وحيث فعله مخطئاً أو ناسياً فإنه لم يناقض الشرع فلم يكن ذلك مبطلاً للعبادة، والحديث المتقدم يدل على هذه القاعدة الصحيحة.
ومثل ذلك لو تذكر أو أخبر أثناء الصلاة فإنه يستمر في صلاته بعد إزالة النجاسة فإن لم يمكنه إزالة النجاسة إلا بعمل كثير مبطل للصلاة فإنه يجب أن يقطع الصلاة ثم يزيل النجاسة ويعيد الصلاة من جديد؛ لأنه لا يمكنه أن يزيل النجاسة –حينئذ- إلا بعمل كثير مناقض ومناف للصلاة.
قال:(ومن جبر عظمه بنجس لم يجب قلعه مع الضرر)
رجل جبر بعظم نجس أو خيّط جرحه بخيط نجس أو نحو ذلك فهنا الواجب عليه إذا صلى أن يجتنب النجاسة، والنجاسة ثابتة فيه فيما وضع لجبر عظمه أو لخيط جرحه، فحينئذ لا يجب قلعه مع الضرر، لحديث (لا ضرر ولا ضرار)(١)
(١) قال في الأربعين: " حديث حسن رواه ابن ماجه والدارقطني وغيرهما مسنداً. ورواه مالك في الموطأ مرسلاً عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسقط أبا سعيد، وله طرق يقوي بعضها بعضاً ". وقد أخرجه ابن ماجه في كتاب الأحكام (٢٣٤١) قال رحمه الله: " حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن جابر الجعفي عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا ضرر ولا ضرار) . (٢٣٤٠) حدثنا عبدُ ربه بن خالد النُّميري أبو المُغلِّس حدثنا فُضيل بن سليمان حدثنا موسى بن عقبة حدثنا إسحاق بن يحيى بن الوليد عن عبادة بن الصامت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى أن لا ضرر ولا ضرار ".
وأخرجه الدارقطني في سننه (٤ / ٢٢٧) قال: " نا محمد بن عمرو بن البختري نا أحمد بن الخليل نا الواقدي نا خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا ضرر ولا ضرار) . نا أحمد بن محمد بن أبي شيبة نا محمد بن عثمان بن كرامة نا عبيد الله بن موسى عن إبراهيم بن إسماعيل عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (للجار أن يضع خشبته على جداره وإن كره، والطريق الميتاء سبع أذرع، ولا ضرر ولا إضرار) . نا إسماعيل بن محمد الصفار نا عباس بن محمد نا عثمان بن محمد بن عثمان بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن نا عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا ضرر ولا إضرار) . نا أحمد بن محمد بن زياد نا أبو إسماعيل الترمذي نا أحمد بن يونس نا أبو بكر بن عياش قال: أراه قال عن عطاء عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا ضرر ولا ضرورة، ولا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبه على حائطه) ".