والمراد به هنا مسحهما: أي الخفان بإمرار اليد بالماء، فعلى ذلك يكون المعنى: إمرار اليد بالماء مبتلة على الخفين من غير إسالة للماء، فلا يكون فيه إسالة وإنما مجرد بلُّ العضو بالماء.
الخفان: هنا: ما يلبس علي الرجل من الجلد الرقيق وهو ما يسمى عندنا بـ" الكنادر " بخلاف الجوارب وهي ما تكون من صوف ونحوه فسيأتي الكلام عليها.
إذن: هذا الملبوس الذي يغطي القدمين ويباشر الأرض لأنه يمشى عليه ويصنع من الجلد ونحوه يسمى الخف.
والمسح على الخفين دل عليه الكتاب والسنة والإجماع:
أما الكتاب: فهي آية المائدة: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة ... }(١) في قراءة سبعية، فقد قرأ بعض السبعة {وأرجلِكم} بالكسر، فتكون الرجل ممسوحة، وذلك لأنه سبحان وتعالى قال {فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلي المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلِكم}(٢) هذا على توجيه من توجيهات اللغة في هذه الآية، وهو ما اختاره بعض أهل العلم. وقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم بفعله بإثبات المسح على الخفين.
وأما السنة: فقد تواترت في الدلالة علي جواز المسح على الخفين، حتى ذكره الإمام أحمد عن سبعة وثلاثين صحابياً (٣٧) فقال رحمه الله: " سبعة وثلاثون نفساً يروون المسح على الخفين " وذكره ابن مندة عن أكثر من ثمانين صحابيـ[ـاً] ، منهم العشرة المبشرون بالجنة.
ولعل ذكر الإمام أحمد لذلك العدد إنما هو في الأحاديث الصحيحة، وما ذكره ابن مندة في الأحاديث الصحيحة وغيرها.وقد ذكر صاحب " نصب الراية " عن ثمانية وأربعين حديث (٣)(٤٨) في المسح على الخفين.
(١) سورة المائدة. (٢) سورة المائدة. (٣) وكذا، ولعل الصواب: صحابياً، أو حديثاً دون " عن ". فليراجع نصب الراية.