واقتداء بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في رسائله وكتبه فإنه كان يفتتحها بالبسملة، كما ثبت ذلك في الصحيحين من كتاب رسول الله عليه الصلاة والسلام إلى هرقل عظيم الروم، فإنه كتب فيه:(بسم الله الرحمن الرحيم: من مُحمَّد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم)(١) ، فشرع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالبسملة فيه.
وقد قال تعالى عن ملكة سبأ:{قالت يا أيها الملأُ إني أُلقي إلى كتاب كريم، إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم}(٢) . فهي من سنن أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام.
وأما ما رواه الخطيب، والحافظ الرهاوي في أربعينه: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع)(٣) فهذا الحديث فيه ابن الجندي، وهو متهم، فالحديث، ضعيف جداً، لا يثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم.
(بسم الله) هنا الباء للاستعانة، و (اسم) مجرور بحرف الجر و (الله) مضاف إليه، مضاف إلى اسم، وهما متعلقان بمحذوف فعلي متأخر مناسب، تقديره هنا:(بسم الله أُؤَلِّف) ، وعندما نتوضأ تقديره:(بسم الله أَتَوَضَّأ) ، وعندما نقرأ تقديره:(بسم الله أقرأ) ؛ فهو فعل متأخر عن الجار والمجرور يناسب المقام.
(بسم الله) : أي أستعين بالله في قراءتي وأستعين به في وضوئي، وأتبرك بالبداءة باسمه سبحانه وتعالى في تأليفي وفي وضوئي أو في قراءتي ونحو ذلك.
(١) أخرجه البخاري: في كتاب بدء الوحي، رقم ٧، وأخرجه كذلك برقم ٥١، ٢٦٨١، ٢٨٠٤، ٢٩٤٠، ٢٩٧٨، ٣١٧٤، ٤٥٥٣، ٥٩٨٠، ٦٢٦٠، ٧١٩٦. وأخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير باب كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل (١٧٧٣) . (٢) سورة النمل (٣٠) . (٣) قال في الإرواء [١ / ٢٩] رقم (١) : " ضعيف جداً، وقد رواه السبكي في طبقات الشافعية الكبرى (١ / ٦) " وقال: " وهذا سند ضعيف جداً آفته ابن عمران هذا، ويعرف بابن الجندي ".