فإذا كان ثوب نصفه في الظهور من حرير ونصفه من قطن أو نحوه فإنه يجوز لبسه – إبقاءً على الأصل فإن الأصل هو الحل – والحرير هنا: ليس هو الكل وليس هو الغالب.
هذا أحد لوجهين في مذهب الإمام أحمد.
والوجه الثاني وهو اختيار شيخ الإسلام: أنه يحرم. وهو الراجح لما تقدم من أن الشارع إذا حرم الشيء حرم أبعاضه.
ولما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم:(نهى عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع)(١) فهذا يدل على أن لبس الحرير محرم مطلقاً سواء كان هو الغالب أو كان كثيراً ما لم يكن موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع فإنه يجوز.
وهذا الدليل يصلح للاستدلال على المسألة السابقة وهو أن ما كان أكثره حرير فإنه يحرم، ومن الأدلة الدالة على تحريم الكثير من الحرير الظاهر وإن كان ليس هو الغالب ما ثبت في مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم:(نهى عن القسِّي والمعصفر)(٢) .
والمعصفر: سيأتي الكلام عليه.
أما القسِّي: فهو نوع من الثياب يخلط فيه الحرير مع القطن – بحيث يكونان ظاهرين فيه.
(١) أخرجه مسلم (٢٠٦٩) في كتاب اللباس، باب (٢) تحريم استعمال إناء الذهب والفضة ....، وأخرجه البخاري بلفظ: " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس الحرير إلا هكذا، وصفَّ لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - إصبعيه " وفي لفظ: ".. وأشار بإصبعيه اللتين تليان الإبهام "، كتاب اللباس، باب لبس الحرير وافتراشه للرجال.. (٥٨٢٨) (٢) أخرجه مسلم (٢٠٧٨) من حديث علي بن أبي طالب: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس القسي والمعصفر.. " وهو في باب النهي عن لبس الرجل الثوب المعصفر من كتاب اللباس والزينة، وأخرج البخاري في كتاب اللباس، باب لبس القَسِّيِّ (٥٨٣٨) عن البراء بن عازب قال: " نهانا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المياثر الحُمْر والقسي " وانظر (١٢٣٩) .