رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ» ، قَالَ قَتَادَةُ: أَحْيَاهُمُ اللَّه لَهُ، حَتَّى أَسْمَعَهُمْ تَوْبِيخًا وَتَصْغِيرًا وَنِقْمَةً وَحَسْرَةً وَنَدَمًا، فَهَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ أَقْسَمَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْأَحْيَاءَ الْحَاضِرِينَ لَيْسُوا بِأَسْمَعَ لِمَا يَقُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أُولَئِكَ الْمَوْتَى بَعْدَ ثَلَاثٍ، وَهُوَ نَصٌّ صَحِيحٌ صَرِيحٌ فِي سَمَاعِ الْمَوْتَى، وَلَمْ يَذْكُرْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ تَخْصِيصًا، وَكَلَامُ قَتَادَةَ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ اجْتِهَادٌ مِنْهُ، فِيمَا يَظْهَرُ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي «صَحِيحِهِ» (١) أَيْضًا: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ، حَدَّثَنِي عَبْدَةُ عَنْ هُشَامٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا، قَالَ: وَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَلِيبِ بَدْرٍ، فَقَالَ: «هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا» ؟ ثُمَّ قَالَ: «إِنَّهُمُ الْآنَ يَسْمَعُونَ مَا أَقُولُ» ، فَذُكِرَ لِعَائِشَةَ، فَقَالَتْ: إِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُمُ الْآنَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي كُنْتُ أَقُولُ لَهُمْ هُوَ الْحَقُّ» ، ثُمَّ قَرَأَتْ: {إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى} ، حَتَّى قَرَأَتِ الْآيَةَ، انْتَهَى مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ. وَقَدْ رَأَيْتُهُ أَخْرَجَ عَنْ صَحَابِيَّيْنِ جَلِيلَيْنِ، هُمَا: ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو طَلْحَةَ، تَصْرِيحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ أُولئك الْمَوْتَى يَسْمَعُونَ مَا يَقُولُ لَهُمْ، وَرَدُّ عَائِشَةَ لرِوَايَة ابْن عمر بِمَا فهمت من القرءان مَرْدُود، كم سَتَرَى إِيضَاحَهُ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
وَقَدْ أَوْضَحْنَا فِي سُورَةِ «بَنِي إِسْرَائِيلَ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ، أَنَّ رَدَّهَا عَلَى ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا رِوَايَتَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ بِمَا فَهِمَتْ مِنَ الْآيَةِ مَرْدُودٌ أَيْضًا، وَأَوْضَحْنَا أَنَّ الْحَقَّ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فِي رِوَايَتِهِ لَا مَعَهَا، فِيمَا فهمت من القرءان. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي «صَحِيحِهِ» (٢) أَيْضًا: حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا ابْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَن
(١) - (٤/١٤٦٢) (٣٧٦٠) .(٢) - (١/٤٤٨) (١٢٧٣) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute