يُرِيدُ الطَّعْنَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ} . فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: لَا بَأْسَ أَيُّهَا
النسناسا: هَبْ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ نَبِيًّا! أَمَا كَانَ عَرَبِيًّا؟
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَنَّهُ أَطْلَقَ اسْمَ اللِّبَاسِ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ؛ لِأَنَّ آثَارَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ تَظْهَرُ عَلَى أَبْدَانِهِمْ، وَتُحِيطُ بِهَا كَاللِّبَاسِ. وَمِنْ حَيْثُ وُجْدَانِهِمْ ذَلِكَ اللِّبَاسُ المعبرَّ بِهِ عَنْ آثَارِ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ، أَوْقَعَ عَلَيْهِ الْإِذَاقَةَ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى مَا يَذْكُرُهُ الْبَيَانِيُّونَ مِنَ الِاسْتِعَارَاتِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا فِي رِسَالَتِنَا الَّتِي سَمَّيْنَاهَا (مَنْعَ جَوَازِ الْمَجَازِ فِي الْمَنْزِلِ لِلتَّعَبُّدِ وَالْإِعْجَازِ) : أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ إِنَّ فِي الْقُرْآنِ مَجَازًا، وَأَوْضَحْنَا ذَلِكَ بِأَدِلَّتِهِ، وَبَيَّنَّا أَنَّ مَا يُسَمِّيهِ
الْبَيَانِيُّونَ مَجَازًا أَنَّهُ أُسْلُوبٌ مِنْ أساليب اللُّغَة الْعَرَبيَّة (١) ] (٢) .
(١) - وَقد تتبعت كل مَا قَالَ عَنهُ الْعَلامَة الشنقيطي - رَحمَه الله - أَنه من الأساليب أَو الإطلاقات الْعَرَبيَّة فِي كِتَابه " أضواء الْبَيَان" وأفردته فِي رِسَالَة مُفْردَة؛ لتَكون تتميماً لرسالته " منع جَوَاز الْمجَاز " فَللَّه الْحَمد على توفيقه.(٢) - ٣/٣٤٤- ٣٤٥، النَّحْل/١١٢، وَانْظُر (٤/١٩٤ - ١٩٥) (الْكَهْف/٧٧) ، (٦/٣٨٥: ٣٨٧) (الشُّعَرَاء/٢١٥) ، (٧/٦٢) (غَافِر/١٣) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute