بشر بن راعي العير وهو يأكل بشماله فقال: كل بيمينك، قال: لا أستطيع، قال: لا استطعت، قال: فما وصلت يده إلى فيه بعد … وثبت في صحيح مسلم من حديث شعبة عن أبي حمزة عن ابن عباس قال: كنت ألعب مع الغلمان فجاء رسول الله ﷺ فاختبأت منه، فجاءني فحطاني حطوة أو حطوتين وأرسلني إلى معاوية في حاجة، فأتيته وهو يأكل، فقلت: أتيته وهو يأكل، فأرسلني الثانية فأتيته وهو يأكل، فقلت: أتيته وهو يأكل، فقال: لا أشبع الله بطنه (١) * وقد روى البيهقي عن الحاكم، عن علي بن حمشاد، عن هشام بن علي، عن موسى بن إسماعيل: حدثني أبو عوانة عن أبي حمزة، سمعت ابن عباس قال: كنت ألعب مع الغلمان فإذا رسول الله قد جاء فقلت: ما جاء إلا إلي، فذهبت فاختبأت على باب، فجاء فحطاني حطوة وقال: اذهب فادع لي معاوية - وكان يكتب الوحي - قال: فذهبت فدعوته له فقيل: إنه يأكل، فأتيت رسول الله ﷺ فقلت: إنه يأكل، فقال: اذهب فادعه لي، فأتيته الثانية، فقيل إنه يأكل، فأتيت رسول الله فأخبرته فقال في الثانية: لا أشبع الله بطنه، قال: فما شبع بعدها (٢)، قلت: وقد كان معاوية ﵁ لا يشبع بعدها، ووافقته هذه الدعوة في أيام إمارته، فيقال: إنه كان يأكل في اليوم سبع مرات طعاما بلحم، وكان يقول: والله لا أشبع وإنما أعيى … وقدمنا في غزوة تبوك أنه مر بين أيديهم وهم يصلون غلام فدعا عليه فأقعد فلم يقم بعدها. وجاء من طرق أوردها البيهقي أن رجلا حاكى النبي ﷺ في كلام واختلج بوجهه، فقال رسول الله ﷺ: كن كذلك، فلم يزل يختلج ويرتعش مدة عمره حتى مات … وقد ورد في بعض الروايات أنه الحكم بن أبي العاص، أبو مروان بن الحكم فالله أعلم (٣) … وقال مالك عن زيد بن أسلم عن جابر بن عبد الله قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ في غزوة بني أنمار، فذكر الحديث في الرجل الذي عليه ثوبان قد خلقا، وله ثوبان في القنية، فأمره رسول الله ﷺ فلبسهما ثم ولى، فقال رسول الله: ماله؟ ضرب الله عنقه، فقال الرجل: في سبيل الله، فقال رسول الله ﷺ: في سبيل الله، فقتل الرجل في سبيل الله (٤) … وقد ورد من هذا النوع كثير. وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة بطرق متعددة عن جماعة من الصحابة تفيد القطع كما سنوردها قريبا في باب فضائله ﷺ أنه قال: اللهم من سببته أو جلدته أو لعنته وليس لذلك أهلا فاجعل ذلك قربة له تقربه بها عندك يوم القيامة. وقد قدمنا في أول البعثة حديث ابن مسعود في دعائه ﷺ على أولئك النفر السبعة،
(١) أخرجه مسلم في كتاب البر (٢٥) باب ص ٤/ ٢٠١٠. - حطاني حطوة أي قفدني، يعني ضربه بيده وهي مبسوطة الكفين. - أبو حمزة هو أبو حمزة عمران بن أبي عطاء القصاب وليس في مسلم أبو حمزة عن ابن عباس سواه. (٢) رواه البيهقي في الدلائل ٦/ ٢٤٣. (٣) رواه البيهقي من طريق مالك بن دينار، وجزم أبو القاسم البغوي انه الحكم أبي مروان. (٤) أخرجه مالك في الموطأ في اللباس ص ٢/ ٩١٠ حديث (١) ورواه البيهقي في الدلائل ٦/ ٢٤٤.