إن قال قائل: لِمَ دخلت الحكاية الكلامَ؟ قيل: لأنَّها تزيل الالتباس، وتزيد١ التوسع في الكلام.
[الحكاية في المعارف والنَّكرات وخلافهم في ذلك]
فإن قيل: فهل يجوز٢ الحكاية في غير الاسم العلم والكنية؟ قيل: اختلفت٣ العرب في ذلك؛ فمن العرب من يجيز الحكاية في المعارف كلِّها دون النكرات؛ قال الشاعر٤:[الوافر]
فقال: النَّاسُ بالرفع، كأنه سمع قائلاً يقول: النَّاسُ ينتجعون غيثًا، فحكى الاسم مرفوعًا، كما سمع. ومن العرب من يجيز الحكاية في المعرفة والنكرة؛ ومن ذلك قول بعضهم، وقد قيل له: عندي تمرتان؛ فقال:"دعنى من تمرتان". وأما أهل الحجاز فيخصونها بالاسم العلم والكنية؛ فيقولون إذا قال: رأيت زيدًا: مَنْ زيدًا؟ وإذا قال: مررت بزيدٍ: مَنْ زيدٍ؟ فيجعلون "مَنْ"
١ في "ط" وتزيل. ٢ في "ط" يجوز. ٣ في "س" اختلف. ٤ الشاعر هو: ذو الرُّمَّة، وقد سبقت ترجمته. ٥ المفردات الغريبة: ينتجعون: يطلبون مساقط الغيث. صيدح: اسم ناقة ذي الرُّمَّة. موطن الشاهد: "سمعت الناس". وجه الاستشهاد: وقع "الناس" مرفوعًا في البيت على الحكاية؛ لما بينه المؤلف في المتن؛ وحكم هذه الحكاية الجواز. غير أن للشاهد رواية أخرى بنصب الناس فلا شاهد فيه عليها.