من الأمور المركوزة في الطبع، المتأصلة في الفِطرة الإنسانية الفزع إلى الله واللياذ به، واللجوء إليه في الشدائد والمحن حتى غير المؤمنين بالله إذا أفزعهم خطر، نسوا كفرهم وجاروا إلى الله ليكشف كربهم، ويزيح غمتهم هاتفين بلسان حالهم ومقالهم: يا رب.
ومؤلف "أولاد حارتنا" يدرك أن مفزع الناس في الكوارث والمحن إنما هو الله، ترى ذلك واضحًا في قوله:
"وما أكثر المناسبات التي تدعو إلى ترديد الحكايات -يعني القصص الديني النبوي- كلما ضاق أحد بحاله، أو ناء بظلم، أو سوء معاملة، أشار إلى البيت الكبير .. وقال في حسرة:
"هذا بيت جدنا، جميعنا من صلبه!! (١)، ونحن مستحقو أوقافه، فلماذا نجوع؟ وكيف نُضام؟ " (٢).
وقال: "ولا عزاء لنا إلا أن نتطلع إلى البيت الكبير، ونقول في حزن وحسرة:"هنا يقيم الجبلاوي، صاحب الأوقاف، هو الجد، ونحن الأحفاد"(٣).
أفليس في كلام المؤلف -هنا- في الموضعين أوصاف لا يوصف بها إلا الله قيوم السموات والأرض، وليس الجبلاوي الذي لا وجود له إلا في
(١) لعله رمز إلى "من خلقه" لا صلبه حقيقة. (٢) "أولاد حارتنا" (ص ٥). (٣) "أولاد حارتنا" (ص ٧).