التوحيد الذي يقصد بنفي الإلهية عن كل ما ادعيت فيه سوى الإله الحق تبارك وتعالى، فتجريد هذا التوحيد من العقد واللسان بتصور إثبات الإلهية لغير اللّه -كما قاله أعداؤه المشركون- ونفيه وإبطاله من القلب واللسان من تمام التوحيد، وكماله، وتقريره، وظهور أعلامه، ووضوح شواهده، وصدق براهينه" (١).
وقال أيضًا في حقيقة كلمة التوحيد: "وهي حقيقة التجريد والتفريد؛ فيتجرد عن عبادة ما سواه، ويفرده وحده بالعبادة، فالتجريد نفي، والتفريد إثبات، ومجموعهما هو التوحيد" (٢).
وقال الإمام القرطبي: "قوله تعالى: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}، نفي وإثبات، أولها كفر وآخرها إيمان" (٣).
ويقول الإمام العينٍ: "قوله: (لا إله إلَّا اللّه) إلى آخره: كلمة توحيد بالإجماع، وهي مشتملة على النفي والإثبات، فقوله:(لا إله): نفي الألوهية عن غير الله، وقوله:(إلا الله): إثبت الألوهية لله تعالى، وبهاتين الصفتين صار هذا كلمة التوحيد والشهادة، وقد قيل: إن الاستثناء من النفي إثبات ومن الإثبات نفي" (٤).
ويقول -الإمام المجدد- الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "فاعلموا أن قول الرجل (لا إله إلا الله): نفي وإثبات؛ إثبات الألوهية كلها لله وحده، ونفيها عن الأنبياء، والصالحين وغيرهم" (٥).
ويقول الشيخ سليمان بن عبد الله: "فـ (لا إله إلا اللّه) اشتملت على نفي وإثبات، فنفت الإلهية عن كل ما سوى الله تعالى، فكل ما
(١) طريق الهجرتين (ص ٢٣٦). (٢) مدارج السالكين (١/ ١٦٨). (٣) تفسير القرطبي (٢/ ١٩١). (٤) محمدة القاري للعيني (٦/ ١٣٣)، وانظر: نوادر الأصول في أحاديث الرسول (٤/ ١٩٦). (٥) الرسائل الشخصية (ص ١٨٧).