ولا فعل للمخلوق في إحداث وإيجاد ذات هذه البركة في نفسه، وإنما هي صفة يتصف بها، لكنه قد يسعى في استجلابها باتخاذ أسبابها، وتطلب طرقها.
يقول الإمام ابن القيم:"وأما البركة فكذلك نوعان أيضًا؛ أحدهما: بركة هي فعله تبارك وتعالى، والفعل منها بارك، ويتعدى بنفسه تارة، وبأداة (على) تاره، وبأداة (في) تارة، والمفعول منها مُبارَك، وهو ما جعل كذلك فكان مُبارَكًا بجعله تعالى، والنوع الثاني: بركة تضاف إليه إضافة الرحمة والعزة، والفعل منها تبارك، ولهذا لا يقال لغيره ذلك، ولا يصلح إلا له - عز وجل - فهو سبحانه المُبَارِك عبده ورسوله، كما حكى الله عن المسيح - عليه السلام - قوله:{وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ}[مريم: ٣١]، فمن بارك الله فيه فهو المُبَارَك، وأما صفته (تبارك) فمختصة به تعالى كما أطلقها على نفسه بقوله: {تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤)} [الأعراف: ٥٤] "(١).
وهذان المعنيان المتعلقان بالرب تبارك وتعالى، من كون البركة هي صفته الذاتية والفعلية هما اللذان يذكرهما أهل العلم عند تفسير معنى (تبارك)، وأنه على وزن تفاعل من البركة، أي: بركته متعلقة بذاته وأسمائه وصفاته. ومنهم من يفسرها بأنه كثرت خيراته وتزايدت من قِبَلِهِ تعالى وتقدس.
فالأول يتعلق بذاته وأسمائه وصفاته، والثاني يتعلق بفعله تبارك وتعالى.