فهذا أمر من اللَّه تعالى لرسوله -صلى الله عليه وسلم- بتبليغ جميع ما أنزله إليه من الوحي، فلا يترك شيئًا، وإن ترك من الوحي شيئًا فكأنه ما بلغ شيئًا من الرسالة، ولكنه -صلى الله عليه وسلم- امتثل الأمر وقام به خير قيام، فلم يترك من الدين شيئًا صغيرًا كان أم كبيرًا إلا وبيَّنه وفصله ولم يترك لأحد بعده مقالًا.
فالمقصود أنه -صلى الله عليه وسلم- قد أمر بتبليغ جميع ما أوحي إليه على الاستيفاء والكمال؛ لأنَّه كان قد بلغ، وإنما أمر هنا ألا يتوقف عن شيء مخافة أحد (٣).
يقول الشيخ السعدي رَحمه الله: "هذا أمر من اللَّه لرسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- بأعظم الأوامر وأجلها وهو التبليغ لما أنزل اللَّه إليه، ويدخل في هذا كل أمر تلقته الأمة عنه -صلى الله عليه وسلم-؛ من العقائد، والأعمال، والأقوال، والأحكام الشرعية، والمطالب الإلهية، فبلغ -صلى الله عليه وسلم- أكمل تبليغ، ودعا وأنذر، وبشر ويسر، وعلم الجهال الأميين حتَّى صاروا من العلماء الربانيين، وبلغ بقوله وفعله وكتبه ورسله، فلم يبق خير إلا دلَّ أمته عليه، ولا شرٌّ إلا حذرها عنه، وشهد له بالتبليغ أفاضل الأمة من الصحابة فمن بعدهم من أئمة الدين ورجال المسلمين" (٤).
ثالثًا: النصوص المبينة أن اللَّه تعالى تكفل بحفظ هذا الدين وببيانه