وقد كان السلف رحمهم الله من أكثر الناس حرصًا على العمل بالعلم، ومبادرةً لتطبيقه في واقع حياتهم.
عن أبي عبد الرحمن السلمي قال:«حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْتَرِئُونَ مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ آيَاتٍ، وَلَا يَأْخُذُونَ فِي الْعَشْرِ الْأُخْرَى حَتَّى يَعْلَمُوا مَا فِي هَذِهِ مِنَ الْعَمَلِ وَالْعِلْمِ فَإِنَّا عُلِّمْنَا الْعَمَلَ وَالْعِلْمَ. قال: فتعلمنا العلم والعمل جميعًا, وأنه سيرث القرآن بعدنا قوم يشربونه شرب الماء لا يجاوز هذا، وأشار بيده إلى حنكه»(٢).
وقد مثّل السلف نماذج رائعة في المبادرة بالامتثال وسرعة تطبيق العلم:
فالإمام أبو حنيفة - رحمه الله - كان لا يقول بجواز المسح على الجوربين، ثم رجع إلى الجواز قبل موته بثلاثة أيام أو بسبعة، ومسح على جوربيه في مرضه، وقال لعواده: فعلت ما كنت أنهى عنه (٣).
(١) اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي ص (٣٨). (٢) أخرجه أحمد في مسنده (٣٨/ ٤٦٦) رقم (٢٣٤٨٢)، وابن أبي شيبة في المصنف (٦/ ١١٧) رقم (٢٩٩٢٩). (٣) ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي (١/ ٥٢)، والجوهرة النيرة على مختصر القدوري للزبيدي (١/ ٢٨).