وجه الشاهد: هذه الرواية وإن كان ظاهرها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أخذ برأي الصديق - رضي الله عنه - فإنها صريحة في آخرها، بأن القول بأخذ الفدية من الأسرى كان قول جمهور الصحابة، بدلالة:"أبكي للذي عرض علي أصحابك .. ". (١)
وورد في التحرير والتنوير:" والخطاب في قوله " تريدون " للفريق الذي أشاروا بأخذ الفداء، وفيه إشارة إلى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - غير معاتب؛ لأنه إنما أخذ برأي الجمهور". (٢)
[٢ - في غزوة أحد]
قال البخاري:" وشاور النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه يوم أحد في المقام والخروج، فرأوا له الخروج، فلما لبس لأمته وعزم قالوا: أقم فلم يمل إليهم بعد العزم، وقال لا ينبغي لنبي لبس لأمته فيضعها حتى يحكم الله ". (٣)
وقد وردت القصة بتمامها في مستخرج أبي عوانة وفيه:" فلما نزل أبو سفيان بالمشركين أحداً قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: إني رأيت الليلة أني في درع حصينة، وإني أولتها المدينة، فاجلسوا في صنعكم، وقاتلوا من ورائه، وكانوا قد شكوا أزقة المدينة بالبنيان، فقال رجال من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكونوا شهدوا بدراً-: " يا رسول الله، أخرج بنا إليهم، فلم يزالوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى لبس لأمته، فلما لبس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمته.
فقال: أما إني أظن الصرعى مستكثر منكم ومنهم اليوم؛ إني رأيت في المنام بقراً منحرة، فأراني أقول: بقر، والله خير فتقدم الذين كانوا يدعونه إلى الخروج.
فقالوا: يا رسول الله امكث، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنه لا ينبغي لنبي أن يلبس لأمتَه، ثم ينتهي حتى يأتي البأس .. ". (٤)
(١) ((قضية الأغلبية: الريسوني، ص ١٨.بتصرف. (٢) ((التحرير والتنوير: محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور، مؤسسة التاريخ العربي: بيروت، ط (١) ١٤٢٠ هـ-٢٠٠٠ م، ج ٩، ص ١٦٢. (٣) صحيح البخاري: كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول الله تعالى {وأمرهم شورى بينهم}، ج ٩، ص ١٣٨. (٤) مستخرج أبي عوانة: يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الإسفراييني، ج ٨، ص ١٢٢، برقم ٥٥٨٣.