وفي هذا دلالة قاطعة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ لو كان مفتريًا على ربه لما كان له هذا النصر، قال تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الحاقة: (٤٤) - (٤٧)].
قوله:«وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلا اللهُ» هذه كلمة الإخلاص، وكلمة الإخلاص لها ركنان: النفي والإثبات. «لا إله»: نفي؛ أي: نفي جميع ما يعبد من دون الله. «إِلا اللهُ»: إثبات أي: إثبات العبادة لله وحده لا شريك له.
وهذه الشهادة لها عدة شروط:
١) العلم المنافي للجهل: أي العلم بمعنى هذه الشهادة، والعلم هنا لا بد فيه من إقرار القلب ومعرفته بما طُلِبَ منه علمه، قال تعالى:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: (١٩)]، ومن السنة قوله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللهُ دَخَلَ الجنَّةَ»(١).
٢) اليقين المنافي للشك: أي: استيقان القلب بهذه الكلمة، قال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}[الحُجُرات:١٥]، وقد جاء في الصحيح من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الحائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالجنَّةِ»(٢).
(١) أخرجه مسلم (١/ ٥٥) رقم (٢٦) من حديث عثمان بن عفان ?. (٢) أخرجه مسلم (١/ ٦٠) رقم (٣١).