قال:"أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَلَا فَخْرَ"(١)، ووردَ أيضًا عنِ الصَّحَابَةِ مثل هذا المَدْح في قول ابن مسعودٍ:"لَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنِّي بِكِتَابِ اللهِ، تُبَلِّغُهُ الإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ"(٢)، لكنْ بِشَرْط أنْ يكونَ غَرَض الإِنْسان مِن ذلك المَصْلَحَة.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: وفي هذا دليلٌ على إخلاصِ الرُّسُل لله في قَوْلِهِ: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ}.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: وفيها أيضًا الإحتسابُ؛ احتسابُ الإِنْسانِ عَمَلَهُ على اللهِ، فليس هذا للإدلالِ على اللهِ بهذا العملِ والمنّة عليه به، ولكن الإحتساب به عليه لرجاءِ ثوابِهِ؛ لقَوْلهُ:{إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: وفي هذا دليلٌ على جَبَروت عاد، ومَحَبَتَّهم للكِبرياء والعظمة فيما أنكره عليهم نبيُّهم:{أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ}.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: وفيها دَليل على أنه يَنْبَغي للإِنْسانِ أنْ يكونَ غَرَضه من عمله، لا سِيَّما العمل الجبَّار العظيم، أن يكونَ غَرَضُه غَرَضًا صَحِيحًا، لا عَبَثًا ومُباهاةً؛ لقَوْلِهِ:{تَعْبَثُونَ}، وهذا هو مَحَطّ الإنتقادِ، ليسَ بأن يَبْنُوا {بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً}، ولكن كون ذلك عَبَثًا هو مَحَلُّ الإنتقادِ ومَحَطّ اللَّوْم.
* * *
(١) أخرجه الترمذي: أبواب تفسير القرآن، باب ومن سورة بني إسرائيل، رقم (٣١٤٨)، وابن ماجه: كتاب الزهد، باب ذكر الشفاعة، رقم (٤٣٠٨). (٢) أخرجه البخاري: كتاب فضائل القرآن، باب القراء من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، رقم (٥٠٠٢)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة - رضي الله عنهم -، باب من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه - رضي الله عنهما -، رقم (٢٤٦٣).