تَفْضِيلُ الوَليّ عَلَى النَّبِيِّ
ولم يقتصر القوم على مثل هذه السخافات والأباطيل , بل زادوا في غلوائهم حيث فضلوا الولاية على النبوة والرسالة , والأولياء على الأنبياء والمرسلين , فقالوا:
(خضنا بحورا وقفت الأنبياء بسواحلها) (١).
و (معاشر الأنبياء , أو تيتم اللقب , وأوتينا ما لم تؤتوه) (٢).
ونقلوا عن البسطامي أنه قال:
(تالله أن لوائي أعظم من لواء محمد صلى الله عليه وسلم , لوائي من نور تحته الجان والجن والإنس , كلهم من النبيين) (٣).
وهذا ما صرّح به بعضهم:
(مقام النبوة في برزخ ... فويق الرسول ودون الوليّ) (٤).
لأن (الولاية: هي الفلك الأقصى , من سبح فيه اطلع , ومن اطلع علم , ومن علم تحول في صورة ما علم. فذلك الوليّ المجهول الذي لا يعرف , والنكرة التي لا تتعرّف , لا يتقيد بصورة , ولا تعرف له سريرة , يلبس لكل حالة لبوسها , أما نعيمها وإمّا بؤسها.
يوماً يمان إذا لاقيت ذا يمن ... وإن لاقيت معديا فعدنان
إمعة , لما في فلكه من السعة) (٥).
و (إن الولاية هي المحيطة العامة , وهي الدائرة الكبرى , فمن حكمها أن يتولى الله من شاء من عباده بنبوة وهي من أحكام الولاية , وقد يتولاه بالرسالة وهي
(١) الإبريز للدباغ ص ٢٧٦ نقلا عن أبي يزيد البسطامي , أيضا جمهرة الأولياء للمنوفي ج ١ ص ٢٦٦ , طبقات الشعراني ج٢ ص ١٦ , الفتوحات الإلهية لابن عجيبة ص ٢٦١ , كذلك الإنسان الكامل للجيلي نقلا عن أبي الغيث ج ١ ص ١٢٤.
(٢) الإنسان الكامل للجيلي ج١ ص ١٢٤ , كذلك الجواهر والدرر ص ٢٨٦ بهامش الإبريز , الجواب المستقيم لابن عربي ص ٢٤٧ نقلا عن الجيلي.
(٣) لطائف المنن والأخلاق للشعراني ج١ ص ١٢٥ , أيضا شرح شطحيات (فارسي) روزبهان بقلي شيراري ص ١٣٢ بتصحيح هنري كربين ط طهران ١٩٨١ م.
(٤) انظر طبقات الشعراني ج١ ص ٦٨ ط دار العلم للجميع.
(٥) كتاب التجليات ص ٢٠ من رسائل ابن عربي ط الهند.