{وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (٣٦) خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (٣٧) }
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} دَوَامَ الْبَقَاءِ فِي الدُّنْيَا، {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} أَيْ أَفْهُمُ الْخَالِدُونَ إِنْ مِتَّ؟ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ حِينَ قَالُوا نَتَرَبَّصُ بِمُحَمَّدٍ رَيْبَ الْمَنُونِ (١) . {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ} نَخْتَبِرُكُمْ {بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ} بِالشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ، وَالصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ، وَالْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَقِيلَ: بِمَا تُحِبُّونَ وَمَا تَكْرَهُونَ، {فِتْنَةً} ابْتِلَاءً لِنَنْظُرَ كَيْفَ شُكْرُكُمْ فِيمَا تُحِبُّونَ، وَصَبْرُكُمْ فِيمَا تَكْرَهُونَ، {وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} {وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ} [مَا يَتَّخِذُونَكَ] (٢) {إِلَّا هُزُوًا} [سُخْرِيًّا] (٣) قَالَ السُّدِّيُّ: نَزَلَتْ فِي أَبِي جَهْلٍ مَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ، وَقَالَ: هَذَا نَبِيُّ بَنِي عَبْدِ منَافٍ (٤) {أَهَذَا الَّذِي} أَيْ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَهَذَا الَّذِي، {يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ} أَيْ يَعِيبُهَا، يُقَالُ: فُلَانٌ يَذْكُرُ فُلَانًا أَيْ يَعِيبُهُ، وَفُلَانٌ يَذْكُرُ اللَّهَ أَيْ يُعَظِّمُهُ وَيُجِلُّهُ، {وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ} وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ لَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ إِلَّا مُسَيْلِمَةَ، {وَهُمُ} الثَّانِيَةُ صِلَةٌ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقَالَ قَوْمٌ: مَعْنَاهُ أَنْ بِنْيَتَهُ وَخِلْقَتَهُ مِنَ الْعَجَلَةِ وَعَلَيْهَا طُبِعَ، كَمَا قَالَ: {وَكَانَ الإنْسَانُ عَجُولا} ١٦/ب (الإِسْرَاءِ: ١١) .
(١) ذكره صاحب زاد المسير: ٥ / ٣٥٠.(٢) ساقط من "ب".(٣) ساقط من "ب".(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور: ٥ / ٦٣٠ لابن أبي حاتم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute