أغني عنكم, وعلمه بأنّ القدر لا يغني عنه الحذر)) انتهى كلام الزّمخشري.
وإنّما اخترت كلامه دون كلام غيره من المفسّرين؛ ليكون حجّة على المعترض, فإنّه أنكر احتجاج آدم - عليه السلام - بالقدر, والاحتجاج به والتعزّي والاعتذار مشهور في السّنّة والقرآن, وألسنة أهل الإسلام/, وإذا كان هذا الزّمخشري على أنّه داعية الاعتزال كما ترى, فكيف بغيره!؟ ولم يزل العقلاء يتسلّون بالقدر, وينظمون ذلك في أشعارهم, وقد تداول البلغاء هذا المعنى فقال بعضهم:
ما قد قضي يا نفس فاصطبري له ... ولك الأمان من الذي لم يقدر
ثمّ اعلمي أنّ المقدّر كائن ... حتماً عليك صبرت أم لم تصبري (١)
وقال آخر:
نفذ القضاء بكلّ ما هو كائن ... فأرح فؤادك من لعلّ ومن لو
وقال آخر:
ومن الدّليل على القضاء وكونه ... بؤس اللّبيب وطيب عيش الأحمق
وقال آخر:
ما ثمّ إلا ما يريـ ... ـد فألق همّك واسترح
واقطع علائقك التي ... يشغلن قلبك واطّرح
وهي قصيدة كعب بن زهير الشّهيرة (٢):
(١) هذا البيت ليس في (س). (٢) وهي قصيدة البردة التي قالها بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ((ديوانه)): (ص/٣٧).