فوصف الرّجل بصفات الأسد من اللّبد وطول الأظفار, وكذلك لو أنّك وصفت الرّجل الشّجاع بجميع صفات الأسد وأسمائه, وذكرت محلّه وأشباله /ما ازداد المجاز إلا حسناً, ولم يكن ذلك مما يصعب تأويله في لغة العرب أبداً.
قال علماء المعاني: ولأجل البناء على تناسي التّشبيه صحّ التّعجّب في قوله:
قامت تظلّلني من الشّمس ... نفس أعزّ عليّ من نفسي
قامت تظلّلني فواعجبا (١) ... شمس تظلّلني من الشّمس
ولذلك صحّ النّهي عن التّعجّب في قوله:
لا تعجبوا من بلى غلالته (٢) ... قد زرّ أزراره على القمر (٣)
قالوا: ولهذا يبنى على علوّ القدر ما يبنى على علوّ المكان مثل قوله:
ويصعد حتّى يظنّ الجهول ... بأنّ له حاجة في السّماء (٤)
كلّ هذا ذكره علماء المعاني والبيان, وقد رأيت تأكيد ما ذكروه
(١) في نسخة: ((ومن عجب)) كذا في هامش (أ) و (ي) , وهو كذلك في (س). (٢) الغلالة بالكسر: شعار يلبس تحت الثوب. ((القاموس)): (ص/١٣٤٣). (٣) البيت لابن طباطبا العلوي ت (٣٣٢هـ). انظر: ((معاهد التنصيص)): (٢/ ١٢٩). (٤) البيت لأبي تمّام. ((ديوانه)): (٢/ ٢٠٠) من قصيدة يرثي بها خالد بن يزيد الشيباني. والبيت في ((الديوان)) هكذا: ويصعد حتّى لظنّ الجهول ... أنّ له منزلاً في السّماء وذكر التبريزي أنّه في رواية: ((له حاجة)).