قلت: تعيّن الوجه في ذلك لم يلزم, والظّاهر أنّه نفاه لأحد أمرين أو مجموعهما.
أحدهما: أنّه كان يظهر أسرار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وهذا قد زال في وقت عثمان.
ثانيهما: أنّه كان يمشي مثل رسول الله (٢) - صلى الله عليه وسلم - /مستهزئاً نعوذ بالله.
فإن قلت: فكيف وصله عثمان, وآواه مع ذلك؟.
قلت: لأنّه من رحامته الماسّة, فهو عمّه صنو أبيه, وقد أمر الله بصلة الأرحام, وإن كانوا مشركين, قال الله تعالى:{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}[لقمان: ١٥] , ولم يكن [للحكم](٣) من الحق على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يوجب الصبر عليه, وقد يختلف التّكليف في ذلك.
ألا ترى أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كره النّظر إلى وحشي قاتل حمزة (٤) , ولم يستلزم ذلك أن يستحبّ لأولاد وحشي وزوجته, وسائر أرحامه
(١) في (أ): ((دار)). (٢) سقطت من (س). (٣) في الأصول: ((لمروان))! والكلام على الحكم. (٤) في (س): ((إلى وجه قاتل عمّه حمزة)).