{وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ} الآية [الأنعام: ١٣٧] , وهو تشريع أيضًا بالرأي مثل الأول, ثم قال:{وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا [٦٢١] يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ}[الأنعام: ١٣٨] إلى آخرها.
فحاصل الأمر أنهم قتلوا أولادهم بغير علم وحرَّموا ما أعطاهم الله من الرزق بالرأي على جهة التشريع، فلذلك قال تعالى:{قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}[الأنعام: ١٤٠].
ثم قال تعالى بعد تعزيرهم على هذه المحرّمات التي حرَّموها وهي ما في قوله:{قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ}[الأنعام: ١٤٣]: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[الأنعام: ١٤٤]، وقوله:{لَا يَهْدِي} يعني أنه يُضلُّه» (١).
وقال ابن حجر الهيتميّ في كتابه (الإعلام بقواطع الإسلام): «ووقع قريبًا أن أميرًا بنى بيتًا عظيمًا فدخله بعض المجازفين من أهل مكة فقال: «قال صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد»(٢)،
(١) الاعتصام ١/ ١٧٥ - ١٧٦. [المؤلف] (٢) أخرجه البخاريّ في كتاب فضل الصلاة في مسجد مكَّة والمدينة، باب فضل الصلاة في مسجد مكَّة والمدينة، ٢/ ٦٠، ح ١١٨٩، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وفي الكتاب المذكور، باب مسجد بيت المقدس، ٢/ ٦١، ح ١١٩٧، من حديث أبي سعيدٍ رضي الله عنه. ومسلمٌ في كتاب الحجِّ، باب سفر المرأة مع محرمٍ إلى حجٍّ وغيره، ٤/ ١٠٢، ح ٨٢٧، من حديث أبي سعيدٍ رضي الله عنه.