نا خالد بن معدان، قال: استعمل علينا عمر بن الخطَّاب بحمص سعيد بن عامرٍ بن حِذْيَمٍ، فذكر قصَّةً فيها محاورةٌ بين عمر وسعيدٍ، ذكر فيها من كلام سعيدٍ: شهدتُّ مصرع خُبيبٍ الأنصاريِّ بمكَّة وقد بَضَعَتْ (١) قريشٌ لحمه، ثم حملوه على جذعة، فقالوا: تحبُّ أن محمَّدًا مكانك؟ فقال:(والله ما أحبُّ أني في أهلي وأنَّ محمَّدًا شيك شوكةً)، ثم نادى:(يا محمَّد)(٢).
وخالد بن معدان لم يدرك عمر، وثور بن يزيد ناصبيٌّ، والهيثم بن عديٍّ كذَّبه ابن مَعينٍ والبخاريُّ وغيرهما، وهو الذي روى عن هشام بن عروة عن أبيه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سمَّى ابنيه عبد العُزَّى وعبد منافٍ. قال النسائيُّ:«محالٌ أن يصدر ذلك من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -»(٣). وقال ابن حجرٍ في اللسان:«هذا من افتراء الهيثم على هشامٍ»(٤).
والذي ذكره ابن إسحاق [٥٣٩] عن عاصم بن عمر بن قتادة وذكره الحافظ عن رواية بريدة بن سفيان هو المعروف من صنيع الصحابة.
ففي هذه القصَّة بعينها في البخاريِّ أنَّ عاصم بن ثابتٍ أميرَ السَّريَّة قال:«أمَّا أنا فلا أنزل على ذمَّة كافرٍ، اللهمَّ أخبر عنَّا نبيَّك»(٥).
ولو صحَّ أن خُبيبًا قال:(يا محمَّد)، فلم يقصد به الاستغاثة. كيف وهو مستعدٌّ للموت مستبشرٌ بالشهادة، ولم يحصل له الإغاثة من القتل، ولا قصد
(١) أي: قَطَعَتْه. النهاية ١/ ١٣٤. (٢) حلية الأولياء، ترجمة سعيد بن عامرٍ، ١/ ٢٤٥ - ٢٤٦. (٣) لسان الميزان، ترجمة الهيثم بن عديٍّ الطائيِّ، ٦/ ٢١٠. (٤) المصدر السابق. (٥) البخاريّ، كتاب المغازي، باب غزوة الرجيع ... ، ٥/ ١٠٤، ح ٤٠٨٦. [المؤلف]