تعالى له أن يفعل في ملكه ما يريد؛ ثم تجاوز الأحدب الكلام إلى غيره، وتكلم معه القاضي، ومال الملك إلى قوله؛ ثم التفت الملك وقال [١]: سلوا أبا إسحاق النصيبي عن مسألة الرؤية، فأنكر رؤية الله - تعالى - في الآخرة، وسئل ما حجته؟ فقال: كل شيء يرى بالعين فيجب [٢] أن يكون في مقابلة عين الرائي؛ فالتفت الملك إلى القاضي أبي بكر، فقال القاضي أبو بكر: لا يرى بالعين، فعجب الملك من قوله، وقال لقاضي القضاة: فإذا لم ير بالعين، فبما ذا يرى؟ فقال القاضي: يرى بالإدراك الذي يحدثه الله في العين - وهو البصر، ولو كان يرى المرء بالعين، لكان يجب أن يرى لكل عين قائمة، وقد علمنا أن الأجهر عينه قائمة ولا يرى بها شيئًا؛ فقال النصيبي: لم أعلم أنه يقول هذا، وظننت أنه يسلم قولي [٣]؛ وجرى له في هذا المجلس كلام كثير أعجب به [٤] الملك، ولم يزل يحلو له كلامه، ويزحف عن دسته [٥] حتى نزل عنه، وحصل بين يديه؛ ثم أقبل الملك على قاضي القضاة، فقال [٦]: ألم أقل لك: مذهب قد [٧] طبق الأرض لا بد له من ناصر؟ قال القاضي: فلما انقضى المجلس، صحبني بعض الحجاب إلى منزل (قد)[٨] هيئ لي فيه جميع ما يحتاج إليه،