فصل: وقتل خالد بن الوليد ﵁ شيطانة العزى بأمر رسول الله ﷺ، ففي «سيرة ابن إسحاق»(١) و «طبقات ابن سعد»(٢) وغيرها، أن النبي ﷺ أرسل خالد بن الوليد إلى العزى في شهر رمضان سنة ثمان ليهدمها، فخرج في ثلاثين فارسا من أصحابه حتى انتهوا إليها، فهدمها ثم رجع إلى رسول الله ﷺ فأخبره، فقال:«هل رأيت شيئا؟» قال: لا، قال:«فإنك لم تهدمها، فارجع إليها فاهدمها»، فرجع خالد وهو متيقظ فجرد سيفه، فخرجت إليه امرأة عريانة سوداء، ناشرة الرأس، فجعل السادن يصيح بها، فضربها خالد، فجزلها باثنتين، ورجع إلى رسول الله ﷺ فأخبره فقال:«نعم، تلك العزى، وقد أيست من بلادكم أبدا».
وقد أمرت عائشة ﵂ بقتل جني أيضا، قال أبو الشيخ (٣): حدثنا أبو الطيب أحمد بن روح، حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد مولى قريش، حدثنا عثمان بن عمر، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن أبي مليكة، أن جانا كان لا يزال يطلع على عائشة ﵂، فأمرت به فقتل، فأتيت في المنام فقيل: قتلت عبد الله المسلم؟ فقالت: لو كان مسلما لم يطلع على أزواج النبي ﷺ. فقيل لها: ما كان يطلع حتى تجمعي عليك ثيابك، وما كان يجيء إلا ليستمع القرآن. فلما أصبحت أمرت باثني عشر ألف درهم، ففرقت في المساكين.
ورواه أيضا ابن أبي شيبة في «المصنف»(٤): حدثنا عبد الله بن بكر السهمي، عن جابر ابن أبي صغير، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة بنت صالحة (٥)، عن عائشة ﵂ نحوه.
(١) كما في «سيرة ابن هشام» ٢/ ٤٣٧. (٢) «الطبقات الكبرى» لابن سعد ٢/ ١١١. (٣) «العظمة» لأبي الشيخ ٥/ ١٦٥٤ (٤) «مصنف ابن أبي شيبة» ٦/ ١٨٢. (٥) هكذا بخط المؤلف، وهو سبق قلم، والصواب: عائشة بنت طلحة، وهي عائشة بنت طلحة بن عبيد الله التيمية، بنت أخت أم المؤمنين عائشة؛ أم كلثوم؛ ابنتي الصديق. توفيت بعد عام مائة (١٠٠ هـ)، ترجمتها في «سير أعلام النبلاء» ٤/ ٣٦٩.