للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من حدثه عمرو بن غيلان الثقفي قال: أتيت عبد الله بن مسعود فقلت له: حدثت أنك كنت مع رسول الله ليلة وفد الجن؟ فقال: أجل، فقلت: حدثني كيف كان شأنه، فقال: إن أهل الصفة أخذ كل رجل منهم رجلا يعشيه وتركت فلم يأخذني أحد، فمر بي رسول الله فقال: «من هذا؟» فقلت: أنا ابن مسعود، فقال: «ما أخذك أحد يعشيك؟»، فقلت: لا، قال: «فانطلق لعلي أجد لك شيئا»، قال: فانطلقنا حتى أتى حجرة أم سلمة، فتركني رسول الله قائما ودخل إلى أهله، ثم خرجت الجارية، فقالت: يا ابن مسعود، إن رسول الله لم يجد لك عشاء فارجع إلى مضجعك، فرجعت إلى المسجد فجمعت حصا المسجد فتوسدته والتفت بثوبي، فلم ألبث قليلا حتى جاءت الجارية فقالت: عبد الله بن مسعود، أجب رسول الله ، فاتبعتها وأنا أرجو العشاء حتى إذا بلغت مقامي خرج رسول الله وفي يده عسيب من نخل فرض (١) به على صدري فقال: «أتنطلق معي حيث انطلقت؟» قلت: ما شاء الله، فأعادها علي ثلاث مرات كل ذلك أقول: ما شاء الله، فانطلق وانطلقت معه حتى أتينا بقيع الغرقد فخط بعصاه خطة ثم قال: «اجلس فيها ولا تبرح حتى آتيك»، فانطلق يمشي وأنا أنظر إليه خلال النخل، حتى إذا كان من حيث أراه ثارت مثلي العجاجة السوداء ففرقت فقلت: ألحق برسول الله فإني أظن هؤلاء هوازن مكروا برسول الله ليقتلوه، فأسعى إلى البيوت فأستغيث الناس، فذكرت أن رسول الله أمرني أن لا أبرح مكاني الذي أنا فيه، فسمعت رسول الله يقرعهم بعصاه ويقول: «اجلسوا» فجلسوا، حتى كاد ينشق عمود الصبح ثم ثاروا وذهبوا، فأتاني رسول الله فقال: «أنمت بعدي؟» قلت: لا والله، ولقد فزعت الفزعة الأولى حتى رأيت أن آتي البيوت فأستغيث حيث سمعت تقرعهم بعصاك، وكنت أظن هوازن مكروا برسول الله


(١) قال الخليل في «العين» ٨/ ٧: «الرض: دقك الشيء». اهـ

<<  <   >  >>