منتظرون رد الجواب عن ذلك. وقد نظمت هذه القصيدة معنى واقعة سفر السلطان من حين خروجه من مصر إلى دخوله مدينة حلب فقلت:
ادعو بنصر للمليك الأشرف … سلطان مصر ذي المقام الأشرف
قد قدر الرحمن نقل ركابه … نحو الشام وحسنها المستظرف
اختار أن يطأ البلاد لكشفها … فغدت تجود له بجود متحف
خضعت له النواب طوعا باللقا … من غير حرب أو حسام مرهف
لو كان ذو القرنين حيا في الورى … لاقاه بالإكرام والفضل الوفي
تاريخه فاق الملوك تعاظما … فاصغي له واسمع بغير تكلف
عاينته يوما مضى في موكب … يزهو على برقوق وهو الأشرفي
ركب الخليفة والقضاة أمامه … وجيوشه منها الأساود تختفي
عوذت طلعته بسورة يوسف … وجميع عسكره بآي الزخرف
في غزة قد كان يوم دخوله … يوم الخميس بعسكر مترادف
قالت دمشق لفرحها لما أتى … أهلا بسلطان الأنام المنصف
وتهللت بالنور جبهة ربوة … لما اكتست بالزهر حلة يوسف
وحماة أحماها بصائح عدله … فأطاعه العاصي بغير توقف
واشتاقه نهر الفرات وقد أتى … تياره بالماء في عزم وفي
واستأنست حلب به مذ زارها … واستوحشت مصر له بتكلف
شرفت به حلب وقالت فرحة … يا حبذا من قادم مستظرف
سلطاننا الغوري صار مؤيدا … مذ حفه الرحمن باللطف الخفي
فالله يبقيه على طول المدى … ما أسكرت ريح الصبا كالقرقف
قد صار لابن إياس شعر قاله … لكن نظميقد أتي بتضعف
ثم الصلاة على النبي المصطفى … خير البرية يا له من مسعف
والآل والأصحاب ما جن الدجى … أو ضاء صبح بعد ليل أو طف
وختام مسك قد شذا لما بدا … سلطان مصر ذو المقام الأشرف
وحكى أن السلطان لما دخل إلى حلب رسم لقاضي القضاة كمال الدين الطويل بأن يخطب في الجامع الكبير الذي بحلب، فاجتمع الجم الكثير من أهل حلب في الجامع المذكور، فخرج قاضي القضاة كمال الدين الطويل ورقي المنبر وخطب خطبة بليغة، وأورد أحاديث شريفة في معنى الصلح. وأذن المؤذنون بالجامع وقرأوا حزب السلطان هناك، وعملت الوعاظ. وكان يوما مشهودا بالجامع المذكور، ولم يحضر السلطان ولم