لقد كان فيه للخليع تواصل … لعمرك أن الوصل خير من الهجر
وكان بها جميزة طاب ظلها … فناح عليها الطير والوحش في القفر
على ما جرى للجسر ساقية بكت … وصاحت بقلب صار في غاية الكسر
ودوحته تبكي بجامعه دما … وقد أصبح الشامي يبكي على الحكر
وأضحب بيوت الجسر خالية فلا … لصاحبها سكنى ولا أحد يكري
وقد أصبحت تلك القصور خواليا … فيا وحشة السكان من كل ذي قصر
على بركة الرطلي نوحوا وعددوا … لما حل فيها من نكال ومن خسر
فكان بها للقادسي حلاوة … مشبكها يشدو من المسك والعطر
وكان بها الفكاه يسعى بمركب … بخوخ ورمان يبشر بالبشر
وزهر ونسرين وآس ونوفر … لها بهجة للمرء طيبة النشر
وكان بها الجبان يقلي بمركب … فيجمع بين النار والماء في البحر
وكان بها للآكلين قطايف … بها عطش تسقى من الغيث بالقطر
لها رونق في الصحن من فستق بها … وسكرها يروي حديث أبي ذر
وكان بها للراكبين مراكب … مسترة فيها وأخرى بلا ستر
وكم داخل فيها مغن ومنشد … بنغمة فم من خفيف ومن شعر
وكم آلة للمطربين عهدتها … وجنك وأعواد تغرد كالقمري
وقد درست تلك المعاهد كلها … وناحت بها الغربان والبوم في الوكر
وشق شقيق الروض فيها ثيابه … وأرمى غصين الدوح ما فيه من زهر
وقد لبس الشحرور سود ثيابه … وأبدى خرير الماء لطما من النهر
وسالت دموع السحب من أعين السما … وصار ضياء الصبح كالليل إذ يسر
وقد كسفت شمس الضحى في سمائها … وأظلم نور البدر بالخسف للفجر
جزيرتنا الوسطى خراب لأنها … بها وضعوا سد الماء بها يجري
وقد أخذوا أنقاضها لمبيعها … ولم يبق فيها من باء سوى الجدر
وقد أصبح النوتي في غاية الضنا … ولا يلتقي فيها معاش ولا مكري
وباع قماش الستر منها وقلعها … وباع المداري حيث يدرى ولا يدري
فيا مقلتي جودي بدمع تحسرا … ويا مهجتي صبرا وناهيك بالصبر
رعى الله أياما نقضت بطيبها … ونحن بمصر في أمان وفي بشر
وكان الدوادار الكبير هو الذي … أشار بهذا المنع بالنهي والأمر
أراد بهذا المنع صون حريم من … غدا صحبة السلطان والبنت في الخدر