للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دمشق بعمارتها، وكانت قد تشعثت من مرور السنين. وهذا الموكب لم يتفق لسلطان من بعد الأشرف برسباي لما توجه إلى الشام في سنة ست وثلاثين وثمانمائة سوى الملك الأشرف قانصوه الغوري.

ثم أن السلطان أقام بالمصطبة التي بالقابون تسعة أيام. وقيل: إن قاضي القضاة كمال الدين الطويل خطب بجامع بني أمية جمعتين ولم يحضر السلطان هناك لصلاة الجمعة.

وقيل: استمرت مدينة دمشق مزينة سبعة أيام، ثم أن السلطان رحل عنها وتوجه إلى حمص، ثم رحل عنها وتوجه إلى حماة فلاقاه نائبها جان بردي الغزالي. قيل: إنه مد له هناك مدة حافلة أعظم من مدة أمير الشام على ما أشيع. وقيل: إن السلطان لما رحل من حماة نزل بها قاسم بك بن أحمد بن عثمان الذي تقدم ذكره عندما خرج من مصر وسافر صحبة الأمير ماماي المحتسب كما تقدم.

وقيل: إنه في ليلة الاثنين رابع عشر هذا الشهر خسف جرم القمر خسوفا فاحشا، حتى أظلمت الدنيا وأقام في الخسوف فوق خمسين درجة، وتغطى بالسواط جميعه، واستمر في الخسوف إلى ثلث الليل الأخير.

وفي يوم الاثنين رابع عشره رسم الأمير الدوادار بشنق شخص من العربان المفسدين على قنطرة الحاجب.

وقد ضبط الأمير الدوادار أحوال الديار المصرية في غيبة السلطان ضبطا جيدا، ورسم للأمير ألماس والي القاهرة بأن يطوف في كل ليلة من بعد العشاء، وعين معه مائة مملوك من المماليك الجلبان يطوفون معه: كل ليلة تنزل جماعة من المماليك من طباقهم بالنوبة ويطوفون مع الوالي إلى طلوع الفجر، فلم يقع في غيبة السلطان في القاهرة إلا كل خير، وكان ذلك على غير قياس.

وكان الأمير الدوادار في كل وقت يقمع الأمير ألماس الوالي بسبب ما أخذه من الناس لأجل الدروب، وقد أفحش في الظلم في هذه الحركة، فكان يتفق مع أرباب الأدراك والخفراء فيجبون له من سكان الخطط والحارات لأجل عمارة الدروب، فجبوا له من الناس أموالا لها صورة … فكانت الخفراء إذا وقفوا على باب أحد من السكان يقررون عليه من الدراهم بحسب ما يختارونه من ذلك، فإذا هرب صاحب الدار سمروا الباب على أولاده وعياله حتى يحضر ويدفع لهم ما قرروه عليه، والمرأة الأرملة يسمرون بابها عليها ويتركونها بالجوع والعطش حتى ترمي لهم من الطاقة اللحاف أو الطراحة أو البساط أو غير ذلك، فكانوا يقررون على الفقراء من الناس شيء أشرفي وشيء أشرفيين، وأما أعيان الناس فكانوا يقررون عليهم شيء خمسة أشرفية وشيء عشرة أشرفية بحسب ما

<<  <  ج: ص:  >  >>