اثني عشر ذراعا وكان الوفاء سادس مسري وبلغت الزيادة في تلك السنة إلى ما يقرب من أربعة وعشرين ذراعا، فحصل للناس بسبب ذلك الضرر الشامل، واستسقوا في هبوطه حتى هبط بعد ما مكث إلى آخر توت.
ثم في أيام الأشرف برسباي في سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة جاءت القاعدة أحد عشر ذراعا وعشر أصابع. وكان الوفاء ثاني مسري وبلغت الزيادة في تلك السنة عشرين أصبعا من الذراع العشرين، وثبت إلى أواخر بابه. فلما جاءت القاعدة في هذه السنة اثني عشر ذراعا حسبت الناس أن النيل يمكث على الأراضي وقت أوان الزرع وأنه يبقى في غير أوانه، فما حصل في هذه السنة إلا كل خير، ووفي النيل في أوانه، وسيأتي الكلام عليه في موضعه.
وفي يوم الست سابع عشريه توفي الأمير جاني باي من طبقة الزمامية، وكان من أمراء الطبلخانات وأصله من مماليك الأشرف قايتباي، وكان لا بأس به.
وفيه أخرجوا فلوسا جددا وأبطلوا الفلوس العتق، ونادوا بأن الفلوس العتق بنصفين الرطل والجدد معاددة، فوقف حال الناس بسبب ذلك.
*****
وفي جمادى الآخرة وكان مستهله يوم الثلاثاء، توجه جماعة من نواب القضاة وأعيان الناس إلى بيت الأمير الدوادار وهنوه بالشهر.
وفي هذا الشهر وردت الأخبار بأن السلطان دخل إلى دمشق المحروسة يوم الاثنين ثامن جمادى الأولى، فلاقاه الأمير سيباي نائب الشام ودخل في موكب حافل وقدامه الخليفة والقضاة الأربعة وسائر الأمراء المقدمين وأمراء الطبلخانات والعشراوات وأرباب الوظائف من المباشرين والجم الكثير من العسكر والناس. ولاقاه أمراء الشام وعساكرها، وحمل على رأسه القبة والجلالة كما جرت به عوائد الملوك من قديم الزمان، فزينت له مدينة دمشق زينة حافلة ودقت له البشائر بقلعة دمشق، ونثر على رأسه بعض تجار الأفرنج ذهبا وفضة وفرش له سيباي تحت حافر فرسه الشقق الحرير، وازدحمت عليه المماليك بسبب نثار الذهب والفضة، فكاد السلطان يسقط عن ظهر فرسه من شدة زحام الناس عليه، فمنعهم من نثار الذهب والفضة ومن فرش الشقق الحرير تحت حافر فرسه، فكان له بدمشق يوم مشهود وعد ذلك من المواكب المشهودة. فاستمر ذلك الموكب الحفل حتى دخل من باب النصر الذي بدمشق، وخرج إلى الفضاء منها، وتوجه إلى المسطبة التي يقال لها: مصطبة السلطان، وهي بالقابون القاقوني، فنزل هناك ورسم لبعض حجاب