بالجلبات حتى مات، وأخذوا جميع ما في بيته، وقتلوا عبده وجاريته ولم ينتطح فيها شاتان، حتى تحير الأمير طقطباي نائب القلعة من ذلك، وكيف جرى في وسط القلعة والأبواب تغلق من بعد المغرب … فعد ذلك من العجائب!
وفي يوم الثلاثاء تاسعه توفي قاضي القضاة الشافعية جمال الدين إبراهيم ابن الشيخ علاء الدين القلقشندي رحمة الله عليه، وكان من أهل الدين والعلم والفضل وله سند عال في الحديث الشريف، وولي منصب القضاة في أيام الأشرف الغوري مرتين. وكان قد كبر وشاخ وقارب التسعين سنة، وكان من أعيان علماء الشافعية رحمة الله عليه.
وفيه وردت الأخبار بأن السلطان دخل إلى الصالحية في يوم الثلاثاء خامس عشري ربيع الآخر. قيل: إنه لما أراد الرحيل منها أذن للخليفة والقضاة الأربعة أن يتقدموا إلى غزة، ثم لما وصل إلى قطيا لاقاه الأمير قانصوه رجلة نائب قطيا ومد له هناك مدة حافلة، وقدم له تقدمة جيدة على ما قيل.
ومن الإشاعات التي أشيعت في أثناء الطريق أنه سرقت بغلة قاضي القضاة الحنفية ثم ظهرت بعد ذلك وتكلف عليها الحلوان حتى رجعت إليه. وأشيع أن بقجة فيها قماش قاضي القضاة الحنبلي سرقت من خيمته. وأشيع أنه قد سرق للسلطان جمل عليه مال له صورة، فقبض على من فعل ذلك، ووسط من الجمالة ثلاثة أنفار … وكل ذلك إشاعات ليس لها صحة.
*****
ثم وردت الأخبار أن السلطان دخل مدينة غزة المحروسة يوم الخميس رابع جمادى الأولى، فلاقاه الأمير دولات باي نائب غزة ومد له مدة حافلة، وقدم له تقدمة عظيمة، وقيل: إنه أقام بها خمسة أيام ورحل عنها.
وأشيع أن السلطان لما كان بغزة خلع على جمال الدين الألواحي بواب الدهيشة وقرره معلم المعلمين عوضاف عن الشهابي أحمد بن الطولوني بحكم انفصاله عنها، وكان هذا من غلطات الزمان في تولية الوظائف غير أهلها.
وفي يوم الجمعة تاسع عشره طلع ابن أبي الرداد ببشارة النيل المبارك، فأخذ القاعدة فجاءت اثني عشر ذراعا وهذا من النوادر، وقد بقي على الوفاء ستة أذرع. هكذا نقله المقريزي في الخطط، وزاد الشيخ جلال الدين السيوطي في كتابه المسمى بكوكب الروضة أربعا وعشرين أصبعا. وكان الناس من أيام الناصر محمد بن قلاون ما رأوا القاعدة جاءت اثني عشر ذراعا، فإن أيامه سنة إحدى وستين وسبعمائة جاءت القاعدة