للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الحوادث التي جرت في غيبة السلطان أن الأمير ألماس والي الشرطة صار يحجر على الناس، ويأمرهم بأن يعمروا على الحارات والأزقة دروبا في أماكن شتى، فعمروا دربا في رأس سوق الدريس ودربا في الحسينية ودربا على قنطرة الحاجب ودربا عند الفرايين وآخر عند خوخة القطانين وآخر عند المقس وعدة دروب في أماكن شتى، وسد عدة خوخ كانت بالقاهرة فصار على رأس الناس طيرة بسبب المناسر والحريق بالقاهرة، وأمرهم بأن يعلقوا على كل دكن قنديلا، وألا يخرج أحد من الناس من بيته بعد العشاء ولا يمشى بسلاح.

ومن الوقائع اللطيفة أن الأمير الدوادار لم يشوش على أحد من أجناد الحلقة ولا ألزمهم بالمبيت في القلعة في غيبة السلطان، وكانت العادة القديمة أن السلطان إذا سافر نحو البلاد الشامسة تتسلط نقباء القصر على أولاد الناس من نقباء الحلقة ويلزمونهم بالمبيت في القلعة في كل ليلة في مدة غيبة السلطان إلى أن يحضر من السفر، فيحصل لهم مشقة زائدة ويقاسون تعبا شديدا بسبب طلوعهم كل ليلة إلى القلعة ليبيتوا بها بعيدا عن بيوتهم في الشتاء، والذي لا يبيت يقيم له بديلا يبيت عنه بالقلعة. وكان ذلك يعمل إلى أيام الأشرف قايتباي لما كان يسافر، فلم يتعرض الأمير الدوادار لما سفار الغوري إلى أحد من الناس من أجناد الحلقة، فكتب ذلك في صحيفة الأمير الدوادار ودعا له أولاد الناس الذين أبطل عنهم هذه السنة السيئة.

ومن الحوادث في غيبة السلطان أن شخصا من مماليك السلطان الجلبان قصد أن يشتري قمحا من مركب على شاطئ البحر، فلما اشتراه لم يجد تراسا فوجد شخصا من الفلاحين الصعايدة ومعه حمار وزكيبة، فأمسك المملوك ذلك الحمار والزكيبة فلم يعطه الفلاح إياهما، وتنازع معه فضربه المملوك ضربا مبرحا على رأسه حتى سال دمه، فألقى الرجل نفسه في البحر فأغمي عليه فمات، فعند ذلك تكاثر الناس على ذلك المملوك فمسكوه وأتوا به إلى بيت الأمير الدوادار، فوضعه في الحديد وأرسله إلى الوالي … فلما بلغ خشداشينه أتوا إلى بيت الدوادار فوجدوه غائبا نحو جسر الفيض بسبب سده، فقيل للمماليك: إن ذلك المملوك سلمه الأمير الدوادار إلى الأمير ألماس الوالي، فعند ذلك نزل من الطباق الجم الكثير من المماليك الجلبان لأجل أن ينهبوا بيت الوالي ويحرقوه ويطلقوا المملوك، فتغافل الأمير الدوادار عن أمر ذلك القتيل وراحت على من راحت.

ومن الحوادث في غيبة السلطان أن شخصا من الطواشية يقال له: عنبر مقدم طبقة الأشرفية، وكان ساكنا بالقلعة في خرائب تتر وكان متهما بالمال، وكان عنده ودائع من جوامك المماليك، فنزل عليه بعض الحرامية وهو راقد في بيته ليلا وضربوه على رأسه

<<  <  ج: ص:  >  >>