للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أن السلطان أرسل يقول للأمير ألماس والي القاهرة بأن يكبس على علم الدين وعلى أقاربه ويقبض عليهم ويشنق علم الدين على بابه، فلما بلغ علم الدين الجلبي ذلك اختفى وهرب من بيته.

ثم أن الوالي قبض على جماعة من الساسة من أقارب علم الدين ووضعهم في الحديد، فأشيع بين الناس أنهم شنقوهم في المقشرة أو سجنوهم حتى يحضر السلطان. وكان قبل ذلك حرق للأمراء أيضا عدة شون دريس في الحسينية بنحو ألفي دينار، فنسبوا ذلك لفعل جماعة من الساسة من أقارب علم الدين الجلبي، وإذا وقعت البقرة كثرت سكاكينها، واستمر الطلب الحثيث على علم الدين الجلبي إلى أن ظفرا به، فقيل: إن الوالي لما هرب علم الدين أرسل مماليكه باللبس الكامل في طلب علم الدين فلم يظفروا به.

وفي يوم الجمعة ثامن عشريه خرج الأمير الدوادار وسافر بسبب سد جسر الفيض وجسر أبي المنجا وقد أعيا الخولة سدهما، وكان النيل قد زاد قبل المناداة، وكان في اثني عشر ذراعا فتعب الأمير الدوادار في سد تلك الجسور غاية التعب، وكسر مراكب في أساس هذين السدين والماء يقوي على ما يصنعون إلى أن أعان الله وسدهما ورجع.

*****

وفي جمادى الأولى خرج الأمير ماماي الصغير المحتسب وسافر ولحق السلطان، وخرج صحبته صبي صغير عمره ثلاث عشرة سنة ويقال له: قاسم بن أحمد بك بن أبي يزيد بن عثمان وكان عمه سليم شاه بن عثمان لما قتل أخاه أحمد بك فر ابنه قاسم هذا هو ولالاه، ودخل إلى حلب في الخفية ثم جاء إلى مصر وأقام بها إلى أن خرج السلطان إلى جهة البلاد الشامية، فأخذه صحبته ليبلغ بذلك مقاصده، فلم يفد من ذلك شيء. ولما خرج صحبة الأمير ماماي خرج وقادمه جنائب، وكان السلطان قد قام له بمصالح البرق، وتكلف عنه بنحو ألفي دينار حتى يظهر أمره ويشاع ذكره في بلاد بني عثمان بأن في مصر من أولاد بني عثمان ولدا ذكرا، وظن السلطان أن عسكر ابن عثمان إذا سمعوا ذلك يخامرون على سليم شاه ويأتون إلى هذا الصبي قاسم، فلم يظهر لهذا الأمير نتيجة ولا أفاد ما قصده شيئا، فشق من الصليبة وعلى رأسه عمامة تركمانية وفي وسطه خنجر ملوكي. وقيل: كان في أذنه بلخشة مثمنة، وصحبته جماعة من العثمانية. وخرج صحبته الأمير ماميا والأمير أينال باي دوادار سكين الذي كان قد حضر من البلاد الشامية، فرسم له السلطان بالعود ثانيا صحبته إلى حلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>