للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي يوم السبت ثاني عشري ربيع الآخر رحل السلطان من المخيم الشريف بالريدانية وصحبته الخليفة والقضاة الأربعة وولده المقر الناصري أمير آخور كبير وأقباي الطويل أمير آخور ثناني فصلى صلاة الصبح ورحل وتوجه إلى خانقاه سرياقوس، وكانت مدة إقامته في الوطاق بالريدانية سبعة أيام، فلما توجه إلى خانقاه سرياقوس أقام بها يوما وليلة ورحل عنها يوم الأحد ثالث عشريه.

وفي يوم الاثنين رابع عشريه فرقت الجامكية الثالثة على العسكر الذي تأخر بمصر، فجلس الأمي طقطباي عند سلم المدرج، وصرفت الجامكية بحضرته … وهذه أول جامكية صرفت في غيبة السلطان.

وفي ذلك اليوم رسم الأمير الدوادار للأمراء المقدمين الذين عينهم السلطان إلى الشرقية والغربية بأن يخرجوا ويسافروا لأجل حفظ البلاد من فساد العربان، فتوجه الأمير تاني بك إلى الشرقية، والأمير أزبك المكحل إلى الغربية، والأمير قانصوه الفاجر إلى المنوفية، والأمير قانصوه أبو سنة إلى البحيرة، والأمير بخشباي كان مسافرا إلى جهة الفيوم بسبب عمارة الجسر الذي هناك. ثم نادى الأمير الدوادار في القاهرة لجميع المماليك السلطانية المعينين إلى البلاد بأن يخرجوا صحبة الأمراء الذين يسافرون إلى الشرقية والغربية ولا يتأخر عن ذلك أحد من المماليك المعينة للسفر فامتثلوا ذلك.

وفي يوم الاثنين رابع عشريه توفي الأمير نوروز تاجر المماليك وأحد الأمراء الطبلخانات، وكان أصله من مماليك الأشرف قايتباي، وكان قد كبر وثقل في الشحم حتى عجز عن الحركة، واستمر على ذلك حتى مات، فأشيع أن السلطان أنعم على مملوكه ماماي الذي قرر في الحسبة ببرك نوروز وخيوله وبغاله وخيامه على ما قيل والله أعلم.

وفي ذلك اليوم أظلم الجو وأرعد وأبرق، وأمطرت السماء مطرا غزيرا، وكان ذلك في أول بؤونة من الشهور القبطية، فاستمر المطر عمالا ثلاثة أيام متوالية حتى عد ذلك من النوادر. وقام عقيب ذلك رياح واصفر الجو صفرة عظيمة وقت المغرب فتفاءل الناس بوقوع فتن في الوجود وقد جرى فيما بعد.

وفي ذلك اليوم جاءت الأخبار من عند السلطان أنه لما رحل من الخانقاه وجد في وطاقه شخص من السعادنة، زعموا بأنه فداوي أرسله علم الدين جلبي السلطان الذي تغير خاطره عليه كما تقدم ذكر ذلك، فقال أعداء علم الدين: إنه أرسل ذلك الفداوي ليقتل الصبي المسمى بعبد الرزاق الذي صار جلبي السلطان عوضا عن علم الدين، فقبضوا على ذلك الرجل الذي زعموا أنه فداوي وأحضروه بين يدي السلطان، فقرره فأنكر فرسم بشنقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>