للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان حاضرا هذا الموكب السادة الأشراف إخوة الشريف بركات أمير مكة، فكانوا قدام الأمراء المقدمين، ثم تقدمت الأمراء المقدمون قاطبة وصحبتهم ولد السلطان المقر الناصري أمير آخور كبير والي جانبه الأتابكي سودون العجمي. ثم من بعد ذلك تقدم السادة القضاة الأربعة مشايخ الإسلام وهم قاضي القضاة الشافعي كمال الدين الطويل، وقاضي القضاة الحنفي حسام الدين محمود بن الشحنة، وقاضي القضاة المالكي محيي الدين يحيى الدميري، وقاضي القضاة الحنبلي شهاب الدين أحمد الفتوحي الشهير بابن النجار، ثم بعدهم أمير المؤمنين المتوكل على الله محمد ابن المستمسك بالله يعقوب العباسي وهو لابس العمامة البغدادية التي بالعذبتين، وعليه قباء بعلبكي بطراز أسود حرير، ولم يكن على رأسه صنجق خليفتي، وقد اختصر هذا الخليفة أشياء كثيرة مما كان يعمل للخلفاء المتقدمين من أقاربه. ثم مشت الجنائب السلطانية فكانوا طوالتين خيل بعراقي وسروج بغواشي حرير أصفر وطبول بازات، وطوالتي خيل بكنابيش وسروج ذهب ومياثر زركش وبعضهم بسروح بلور مزيكة بالذهب وشيء عقيق مزيك بفضة، وقد تقدم ذكر الطلب بما شرح من وصفه قبل ذلك، ثم تقدم جماعة من رؤوس النوب مشاة والجاويشية والطبردارية مشاة بالأطبار، ولم يكن قدامه لا وطاق ولا شبابة سلطانية كما هي عادة السلاطين في المواكب. ثم مشت البقج والمجاميع مغطية بالحرير الأصفر ومشى البخوري بالمبخرة قدامه، ثم أقبل السلطان الملك الأشرف قانصوه الغوري عز نصره، وكان الخليفة قدامه بنحو عشرين خطوة. وكان السلطان راكبا على فرس أشقر بسرج ذهب وكنبوش وعلى رأسه كلوته وهو لابس قباء بعلبكي أبيض بطرز ذهب على حرير أسود عريض قيل: كان فيه خمسمائة ذهب بنادقة، وكان ذلك اليوم في غاية الأبهة والعظمة، فإنه كان حسن الهيئة تملأ منه العيون مبجلا في المواكب، وأقبل والصنجق السلطاني على رأسه ومقدم المماليك سنبل العثماني خلفه وصحبته السلحدارية بالشاس والقماش والجم الكثير من الخاصكية والجمدارية. فدخل من باب زويلة وشق القاهرة في ذلك الموكب الحافل، فارتجت له القاهرة في هذا اليوم، وضجت الناس له بالدعاء من العوام وغيرهم، وانطلقت له النساء بالزغاريت من الطيقان، فاستمر في ذلك الموكب حتى خرج من باب النصر وكان يوما مشهودا. ثم وصل إلى المخيم بالريدانية، ثم في عقيب ذلك اليوم نزلت خوخجانات فيها الذهب والفضة وضمن كل واحدة من الذهب العين ألف دينار خارجا عن المعادن وقد فرغ الخزائن من الأموال التي جمعها من أوائل سلطنته إلى أن خرج في هذه التجريدة، وفرغ أيضا حواصل الذخيرة وأخذ ما فيها من التحف وآلات السلاح الفاخرة التي كانت بها من ذخائر الملوك السالفة من سروج ذهب وبلور وعقيق

<<  <  ج: ص:  >  >>