إلى شاه سوار على طلب السلطان وشكره على هذا الطلب، لأنه كان مرتبا عن طلب السلطان ونزل من جهة باب الوزير ودخل من باب زويلة، وشق من القاهرة وكان يوما مشهودا حتى رجت له القاهرة في ذلك اليوم. فاستمر ينسحب حتى خرج من باب النصر وتوجه إلى المخيم الشريف بالريدانية.
وفي ذلك اليوم خرج سنيح أمير المؤمنين المتوكل على الله، وكان قدامه طبلان وزمران ونفير. ولم يخرج في ذلك اليوم غير طلب السلطان فقط، وكانت العادة القديمة أن يحرج السلطان عقيب طلبه ثم تنسحب أطلاب الأمراء بعده شيئا فشيئا، فلم يمش السلطان على النظام القديم وخالف عوائد الملوك في أشياء كثيرة من أفعاله، منها أنه لم يعلق الجاليش على الطبلخانات كعادة الملوك السالفة فإنهم كانوا يعلقون الجاليش، ويعرضون العسكر ثم ينفقون عليهم نفقة السفر، ويستمر الجاليش معلقا إلى أن يخرج السلطان ولو بعد شهرين.
وقد حكى عن الظاهر برقوق أنه لما جرد إلى تمرلنك خرج طلبه ينسحب من باب الميدان وكان الظاهر برقوق يرتب طلبه بنفسه وهو راكب على فرسه وفي يده طبر وبكر بفرسه من باب الميدان إلى الصوة.
قيل: إن السلاطين المتقدمة كانوا يخرجون إلى البلاد الشامية عندما تنتقل الشمس إلى برج الحمل في أوائل فصل الربيع والوقت رطب، وأما الغوري فإنه سافر في قوة الحر والشمس في برج السلطان فحصل للعسكر مشقة شديدة في الطريق وليس من العادة القديمة أن السلطان يشق عند خروجه القاهرة بل يخرج من الصوة، وفي العود يشق القاهرة. وكان السلطان الغوري لا يقتدى إلا برأي نفسه في جميع الأمور.
وفي يوم الخميس ثالث عشره أشيع بين الناس أن شخصا من مماليك السلطان الجلبان يقال له: جانم الأفرنجي، وكان مجرما عائقا مسرفا على نفسه، خرج صحبة المماليك السلطانية الذين تقدموا قبل خروج السلطان، فصار جانم هذا يخطف كل شيء لاح له، ويؤذي الناس بطول الطريق. فلما بلغ السلطان ذلك أرسل مراسيم شريفة إلى أرباب الأدراك بأن يقبضوا عليه ويشنقوه حيث وجدوه من غير مشورة، فقيل: إنهم قبضوا عليه وشنقوه على شجرة في بلبيس وهو بقماشه وسيفه وتركاشه، ووضعوا غلمانه في الحديد إلى أن أتوا بهم إلى المقشرة.
وفي يوم الجمعة رابع عشره نزل السلطان من القلعة وتوجه إلى القرافة وزار قبر الإمام الشافعي والإمام الليث ﵄، وكان صحبته ولده أمير آخور كبير، وقيل: إنه تصدق في ذلك اليوم بمال له جرم.