للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضعيف ولم يقدر يسافر، فحنق منه السلطان وألزمه بالسفر ولم يقبل له عذرا. وأرسل يقول لخليفة سيدي أحمد الرفاعي رحمة الله عليه: اعمل برقك حتى تسافر صحبتي.

فلما تحقق القضاة سفر السلطان أخذوا في تجهيز أمرهم وعمل برقهم، وعينوا معهم جماعة كثيرة من النواب، فتقلقلوا من أمر السفر، فعند ذلك فرض القضاة الأربعة مبلغا له صورة على نوابهم على كل واحد من النواب قدر معين على قدر مقامه، فقامت الثائرة والشناعة على القضاة بسبب ذلك. ولما بلغ السلطان ذلك الخبر أنكر على القضاة هذه الفعلة.

وفيه طلع قاضي القضاة الشافعي كمال الدين الطويل وصلى بالناس صلاة الجمعة، ثم استأذن في الدخول على السلطان، فدخل عليه وهو بالدهيشة، فلما جلس بين يدي السلطان شرع يحلف له أنه لم يدخل كيسه شيء مما قرروه على النواب، وإنما النواب الذين عينوا للسفر قالوا: نجعل كلفتنا على النواب المقيمين بمصر. فلما سمع السلطان ذلك قال: "لا تشوشوا على أحد من النواب ولا تأخذا واحدا منهم بالغصب، فالذي يسافر من تلقاء نفسه يسافر والذي لا يسافر لا تغصبوه على السفر". .. فبطلت تلك الحادثة الشنيعة ولله الحمد بعد ما كان جماعة من النواب شرعوا في بيع قماشهم وكتبهم. وقد حصل لهم الضرر بسبب ما قرروه عليهم كما تقدم ذكره. ولم يقع للقضاة مع نوابهم مثل ذلك لما سافر الأشرف برسباي إلى آمد.

وفيه عرض السلطان غلمانا للبيوتات من الفراشين والبابية والركبخانة والحجارين والشربدارية والزردخانية من النفطية وغير ذلك. وطلب الأمير علم الدين الذي يحكم على الطبالين والزمارين وألزمه أن يصرف على من يسافر صحبته من الطبالين والزمارين والمنقرين من كيسه، وقال له: أنت تأكل معلوم هذه الوظيفة عدة سنين فأنفق عليهم من عندك وإلا فعندنا من يلي هذه الوظيفة ويفعل ذلك. ثم عرض مغاني الدكة وهم أحمد أبو سنة والمحوجب والمحلاوي، وأمرهم بأن يسافروا صحبته، ثم عين جماعة من النجارين والحجارين وأمرهم بالسفر معه، ثم عرض هؤلاء المذكورين ولم ينفق عليهم شيئا، بل صرف لهم جامكية أربعة شهور لا غير، ولم يعطهم نفقة وقال لهم: "أنتم تأكلون جوامك السلطنة كذا وكذا سنة فعند إرادتي سفركم تطلبون مني نفقة".

وكان قبل ذلك لما قرر القضاة على نوابهم مبلغا مساعدة للنواب الذين يسافرون، أفرد شمس الدين الظريف نقيب القراء على جماعة من القراء والوعاظ والمؤذنين، وأمرهم أن يسافروا صحبة السلطان كما فعل القضاة مع نوابهم

<<  <  ج: ص:  >  >>