الواقعة بعينها وصودرت وباعت جهازها وقماشها وجواريها ثل التركة، وغلقت ما عليها من المال. وقد تقدم ذكرها.
وفي يوم الخميس سادسه صرف السلطان للعساكر المتوجهة إلى السفر ثمن اللحوم المنكسرة لهم على ثلاثة أشهر لكي يتوسعوا فيها، ولم يصرف للذين تأخروا بمصر شيئا، وأحالهم على الطباخين يصرفون لهم في غيبته.
وفي ذلك اليوم برز السلطان خيامه إلى الريدانية وقد تحقق أمر سفره إلى البلاد الشامية، ثم نادى للعسكر في الميدان أن كل من جهز برقه ولا بقي له عاقة يخرج وسافر ويتقدم قبل خروج السلطان، ولكن إلى الآن لم يعلق السلطان الجاليش الذي هو مقدمة الجيش إذا سافروا إلى البلاد الشامية، وكانت العادة أنهم إذا سافروا إلى البلاد الشامية يعلقون الجاليش قبل خروجهم بأربعين يوما، فلم يمش السلطان على طريقة الملوك السالفة.
وفي يوم الخميس المذكور أرسل السلطان إلى أمير المؤمنين محمد المتوكل على الله نفقة السفر، على يد حسام الدين الألواحي بواب الدهيشة، ألف دينار وكان الساعي له في ذلك الأمير طومان باي الدوادار الكبير، ولولا هو ما كان يرسل له شيئا، فإن السلطان أرسل للقضاة الأربعة يقول لهم: اعملوا برقكم، ولم يرسل لهم شيئا من النفقة، وقد حصل لهم غاية الكلفة والمشقة لأنه من حين سافر الأشرف برسباي إلى آمد سنة ست وثلاثين وثمانمائة لم يخرج الخليفة ولا القضاة الأربعة إلى البلاد الشامية صحبة السلطان، وكان للخليفة والقضاة الأربعة على السلطان عادة أنهم إذا سافروا إلى البلاد الشامية يرسل لهم نفقة السفر، فتغافل السلطان عن ذلك.
ثم بعد أيام أرسل السلطان للخليفة سيفا مسقطا بالذهب، على يد شخص من الزردكاشية يقال له: محمد العادلي، وقد تقدم القول على أنه أرسل له نوبة جام جديد، فكان مجموع ما حصل له من السلطان من الإنعام، ذهب وغير ذلك، دون ألفي دينار، وقد تكلف الخليفة في هذه الحركة على مصروف برقه وغير ذلك نحو الخمسة آلاف دينار أو أكثر.
وفي يوم الجمعة سابعه خرجت جماعة كثيرة من مماليك السلطان، وتوجهوا إلى السفر نحو البلاد الشامية، وقد نادى عليهم السلطان قبل ذلك أن كل من جهز برقه يخرج ويسافر قبل خروج السلطان، فصار يخرج في كل يوم جماعة من العسكر شيئا فشيئا ولم يسافروا.
وفي ذلك اليوم حضر خليفة سيدي أحمد البدوي وقد حضر بطلب من السلطان فلما مثل بين يديه قال له: اعمل برقك حتى تسافر صحبتي إلى حلب. فلما سمع ذلك تعلل وأظهر أنه