وجود الخيل والبغال، وصار المماليك يهجمون الطواحين ويأخذون منها الخيول والبغال والأكاديش، فغلقت الطواحين قاطبة، وامتنع الخبز من الأسواق وكذلك الدقيق ووقع القحط بين الناس وضج العوام وكثر الدعاء، وغلقت أسواق القماش بسبب المماليك واختفى الصنائعية والخياطون، واضطربت أحوال القاهرة واختفى جماعة من التجار خوفا من المماليك، واختفى طائفة من الغلمان خيفة السفر، وصارت أحوال مصر مثل يوم القيامة كل واحد يقول يا رب روحي. وقد عاب العسكر على السلطان هذا الرهج الذي وقع منه، ولم يمش على طريقة الملوك السالفة عند خروجهم للسفر مع أنه لم يكن أمر يستحق هذا الرهج العظيم، ولا جاءت أخبار بأن ابن عثمان قد وصل إلى حلب ولا جاليشه ولا تحرك على بلاده، وعابوا على السلطان أيضا عرضه عسكر مصر قاطبة في أربعة أيام، وأنفق عليهم مع العرض، فخشوا أن يشاع في بلاد ابن عثمان وبلاد الصفوي أن السلطان الغوري قد عرض عساكره جميعا في أربعة أيام فينسبونهم إلى قلة وأنه ما ثم بمصر عسكر، وربما يطمع العدو إذا سمع بذلك. وما كان هذا الرأي من الصواب وهذه الأحوال كلها غير صالحة.
وفي يوم السبت المقدم ذكره أرسل السلطان نفقة الأمراء المقدمين، فأرسل للأتابكي سودون العجمي خمسة آلاف دينار، والأمير أركماس أمير مجلس والأمير سودون الدواداري رأس نوبة النوب والأمير أنص باي حاجب الحجاب لكل واحد أربعة آلاف دينار، وبقية الأمراء المقدمين الذين هم بغير وظائف لكل واحد منهم ثلاثة آلاف دينار.
وأين هذه النفقة من النفقة التي كان يرسلها الأشرف قايتباي للأمراء المقدمين عند خروجهم إلى تجاريد ابن عثمان؟ فكان يرسل للأتابكي أزبك وحده ثلاثين ألف دينار والأمير تمراز أمير سلاح عشرين ألف دينار وأمير مجلس مثل ذلك وبقية الأمراء المقدمين لكل واحد منهم عشرة آلاف دينار حتى عد ذلك من النوادر الغريبة … ولم يفعل الأشرف قايتباي ذلك إلا في آخر تجاريده لابن عثمان سنة خمسة وتسعين وثمانمائة، فبلغت نفقة الأمراء قاطبة دون الجند مائة ألف دينار.
وفي يوم الأحد رابع عشريه نزل السلطان وتوجه إلى مدرسته التي بالشرابشيين فأقام بها إلى ما بعد العصر، وأشيع أنه قد عرض موجود خوند، فإن حواصلها كانت هناك فظهر لها موجود عظيم ما بين ذهب وفضة عين وفصوص وقماش فاخر وغير ذلك.
وفي يوم الاثنين خامس عشريه
أنفق السلطان على الأمراء الطبلخانات والأمراء العشراوات، وصار يستدعيهم واحدا بعد واحد مثل تفرقة الجامكية، فأعطى لكل أمير طبلخانات خمسمائة دينار، وأعطى لكل