للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الغاية، وصارتا من أجل الوظائف، وهذه الأموال العظيمة التي يسعى بها هؤلاء إنما يستخلصونها من أضلاع المسلمين ودمائهم والأمر إلى الله.

وفي ذلك اليوم أنفق السلطان على العسكر نفقة السفر، وقد تحقق أمر خروج التجريدة، فأنفق على كل مملوك مائة دينار وجامكية أربعة أشهر بثمانية آلاف وثمن جمل سبعة دنانير، ثم أن السلطان كتب أولاد الناس قاطبة إلى السفر ولم يعطهم نفقة بل أعطاهم جامكية أربعة أشهر ثمانية آلاف، وكان سبب ذلك أن القاضي شرف الدين الصغير كاتب المماليك قال للسلطان: "إنا نظرنا في بعض التواريخ أن الملك الظاهر برقوق لما خرج إلى التجريدة لم ينفق على أولاد الناس شيئا". فأعجب السلطان منه ذلك، وقطع نفقة أولاد الناس قاطبة، فكثر عليه الدعاء من أولاد الناس بسبب ذلك. وكانت هذه الواقعة من أعظم مساويه في حق أولاد الناس، وحصل لهم كسر خاطر شديد.

وفي يوم الأحد سابع عشره ظهر أحمد بن الصائغ الذي كان ضد الزيني بركات بن موسى في الحسبة وكان له مدة وهو مختف، فظهر في ذلك اليوم وقابل السلطان ثم خمد أمره ولم ينتج مع وجود الزيني بركات بن موسى.

وفي يوم الثلاثاء تاسع عشره توفيت خوند جان سكر الجركسية مستولدة السلطان وهي أم ولده الذي توفي في الفصل سنة عشرين وتسعمائة، وكانت دينة خيرة قليلة الأذى، فلما أشيع موتها طلع الخليفة والقضاة الأربعة وسائر الأمراء وأعيان المباشرين، فصلى عليها الخليفة عند باب الستارة ونزلوا بها من سلم المدرج وهي في بشخانة زركش ونهبت الكفارة من قدامها قبل أن تنزل من القلعة، ومشى الخليفة والقضاة الأربعة وسائر الأمراء قدامها من القلعة إلى مدرسة السلطان التي في الشرابشيين، فدفنت هناك على أولادها. ولم يدخلوا بها من باب زويلة بل دخلوا بها من خوخة أيدغمش. وكانت جنازتها حافلة، وكثر عليها الأسف والحزن من الناس.

وفي يوم الخميس حادي عشريه وقف جماعة من أولاد الناس إلى السلطان بسبب النفقة، فلما وقفوا له ساعدهم الأمير علان الدوادار وبقية الأمراء، فلم يرث لهم السلطان، وقال: "أنا ما عندي نفقة لهؤلاء فالذي لا قدرة له على السفر يرد الأربعة شهور الجامكية التي أخذها وأنا أترك له شهرا ويستريح وتنقطع عني جامكيته". فرد جماعة كثيرة من أولاد الناس جامكية الأربعة شهور التي أخذوها واستمر أمرهم مبنيا على السكوت.

وفي يوم الأربعاء ويوم الخميس أنفق السلطان على بقية العسكر النفقة. وفي وفي السبت ثالث عشريه أكمل السلطان النفقة على العسكر قاطبة من قرانصة وجلبان، ونادى عليهم في الحوش أن السفر أول الشهر، فاضطربت أحوال العسكر وارتجت القاهرة وعز

<<  <  ج: ص:  >  >>