وقيل: كان متحصل ابن النقيب هذا في كل يوم من وظائفه نحو أشرفيين من خبز وجوامك، وكان يحرم نفسه من المأكل والمشرب والملبوس.
وفي ذلك اليوم توفي المهتار حسن شربدار السلطان وكان في سعة من المال، وصادره السلطان غير ما مرة. فلما مات ختم السلطان على حواصله ولم يلتفت إلى أولاده.
وفي يوم الثلاثاء ثاني عشره توفي الشيخ محب الدين الحلبي إمام السلطان وكان من المقربين عنده وكان لا بأس به.
وفي يوم الخميس رابع عشره ورد على السلطان مطالعة من عند سيباي نائب السلطان بالشام، فأرسل يقول له:"يا مولانا السلطان إن البلاد الشامية مغلية والعليق والتبن لا يوجد، والزرع في الأرض لم يحصل ولا ثم عدو متحرك، ولا يتعب السلطان سره ولا يسافر، وإن كان ثم عدو متحرك فنحن له كفاية". فلم يلتفت السلطان إلى كلامه واستمر باقيا على حركة السفر إلى حلب.
وفي يوم الاثنين ثامن عشره خلع السلطان على الأمير أرزمك الناشف أحد المقدمين، وقرره أمير حاج بركب المحمل، وخلع على الأمير برسباي الفيل أحد أمراء الطبلخانات وقرره أمير حاج الركب الأول، فنزلا من القلعة في موكب حافل.
وفي هذا اليوم خلع السلطان على الأمير ألماس أحد الأمراء العشراوات، ويعرف بدوادار سكين وقرره في ولاية الشرطة بالقاهرة عوضاف عن الأمير كرتباي بحكم انتقاله إلى تقدمة ألف. وكان الأمير كرتباي من أعيان مماليك السلطان، وولي كشف الشرقية وولاية القاهرة ثم أنعم عليه السلطان بتقدمة ألف. وقيل: إن الأمير ألماس سعى في الولاية بأحد وأربعين ألف دينار منها عشرون ألف دينار معجلة وواحد وعشرون يدفعها على نقدات متفرقة.
وفي ذلك اليوم خلع السلطان على مملوكه الأمير ماماي الصغير وقرره في نظر الحسبة الشريفة عوضا عن الزيني بركات بن موسى بحكم انتقاله إلى استدارية الذخيرة، وكانت مدة إقامة الزيني بركات بن موسى في الحسبة إحدى عشرة سنة إلا شهرا وعزل عنها والناس عنه راضية. وقيل: إن الأمير ماماي الصغير سعى في الحسبة بخمسة عشر ألف دينار حتى وليها، وكانت الحسبة والولاية في قديم الزمان من أقل الوظائف، ووليها جماعة كثيرة من أبناء الناس والفقهاء، ولكن عظم أمر هاتين الوظيفتين في هذا الزمان