وفي يوم الثلاثاء خامسه جلس السلطان بالميدان وعرض الأمراء الطبلخانات والعشراوات وألزم كل أمير أن يستخدم عنده مماليك شيء خمسة وشيء ثلاثة وشيء اثنان بحسب إقطاعه، وقرر معهم أن بعد المولد الشريف يعرضهم قدامه بالميدان وهم باللبس الكامل والخيول الجيدة وكل من لم يفعل ذلك يخرجه عن إمريته ويجعله طرخانا.
وفي يوم الثلاثاء المذكور نزل القاضي شهاب الدين بن الجيعان نائب كاتب السر عن لسان السلطان إلى أمير المؤمنين المتوكل على الله بسبب عمل برقه، وقد كشفوا في الدفاتر القديمة فوجدوا أن الخليفة إذا سافر صحبة السلطان يكون جميع برقه على السلطان … فكتب الخليفة قوائم بمصروف عمل للبرق فكان ذلك بعشرة آلاف دينار، وقيل: خمسة آلاف دينار فأخذ الشهابي أحمد تلك القوائم وطلع بها إلى القلعة ليعرضها على السلطان.
وفي هذا الشهر خلع السلطان على الأمير طراباي الذي كان قبل ذلك نائب صفد وأعاده إلى نيابة صفد كما كان، وعزل عنها يوسف الذي كان نائب القدس فكان مكثه في نيابة صفد دون السنة ثم عزل وولي طراباي المذكور.
وفي يوم الأربعاء سادسه جلس السلطان بالميدان وعرض مماليكه الجلبان قاطبة وعينهم إلى السفر صحبته، ولم يعف منهم سوى المماليك الصغار الكتابية المرد.
وفي يوم الخميس سابعه رسم السلطان للطواشية بأن تدور على المماليك البطالة وأولاد الناس الذين كان السلطان قطع جوامكم، بأن يطلعوا يوم السبت للعرض، فالذي يصلح للسفر يعيد السلطان له جامكيته ويكتبه للسفر. ثم من بعد ذلك ظهرت إشاعة رد الجوامك التي قطعت.
فلما كان يوم السبت تاسعه جلس السلطان بالميدان وعرض جماعة من المماليك القرانصة من الشيوخ والعواجز وأولاد الناس أصحاب الجوامك، فلما عرضهم عين منهم جماعة للشرقية، وعين منهم جماعة مع كاشف الغربية وجماعة إلى البحيرة وجماعة منهم إلى الطرانة وجماعة إلى الموفية وجماعة إلى منفلوط وجماعة إلى الجيزة، وألزمهم بأن يكونوا مع الكشاف لرد العربان إذا ظهر منهم فساد وحفظ البلاد في غيبة السلطان إذا سافر. وقد قويت الإشاعات بسفر السلطان إلى حلب، ودار الطواشية على المماليك القرانصة وأولاد الناس بسبب هذا العرض حتى عين هؤلاء الجماعة إلى هذه الجهات المذكورة لا بسبب رد الجوامك التي كانت قطعت للماليك العواجز وأولاد الناس، واستقرت هذه الواقعة على ما ذكرناه.