للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان في سنة عشرين وتسعمائة حصل بينه وبين سليم شاه ملك الروم واقعة مهولة، وقد تقدم القول على ذلك وانكسر إسماعيل شاه الصفوي كما تقدم. فاستمر الصفوي من حين جرى له ما جرى وهو في جمع عساكر واستعان بملوك التتار فقيل: إنه مع الجم الغفير من العساكر، فإن ابن عثمان كان قد قتل غالب عسكره في الواقعة المقدم ذكرها.

فلما راج أمر الصفوي وجمع العساكر قصد الزحف على بلاد ابن عثمان، فقيل: إنه كبس على جماعة ابن عثمان الذين كانوا في آمد وقد كان ملكها من يد الصفوي حين محاربته معه في الواقعة المذكورة وجعل ابن عثمان فيها نائبا من قبله، فأشيع أن الصفوي كبس على من كان بآمد على حين غفلة، وقتل من كان فيها من العثمانية، واستخلصها من يد جماعة ابن عثمان وانتصر عليهم.

فلما طرق هذا الخبر سمع السلطان اجتمع بالأمراء في الميدان وأقاموا في ضرب مشورة بسبب ذلك إلى قريب الظهر، فأشيع أن السلطان قال: "أنا أخرج بنفسي وأقعد في حلب حتى أنظر ما يكون من أمر الصفوي وابن عثمان فإن كان من انتصر منهما على غريمه لا بد أن يزحف على بلادنا".

فانفض المجلس على أنه لا بد من خروج تجريدة تقيم بحلب وتحرس البلاد الحلبية، وأشيع في ذلك اليوم بإحضار الكشاف ومشايخ العربان وإلزامهم أن يشرعوا في تحصيل عشرين ألف خيال من العشير وفرسان العرب، ويوزعوا ذلك على سائر البلاد من الشرقية والغربية وجهات الصعيد، وهذا من أكبر أسباب الفساد في حق الجند والمقطعين، فءن الكشاف ومشايخ العربان يأخذون في هذه الحركة من البلاد المثل عشرة أمثال لأنفسهم.

*****

وفي ربيع الأول وكان مستهله يوم الجمعة طلع الخليفة والقضاة الأربعة وهنوا السلطان بالشهر، وقيل: إن السلطان أرسل شمس الدين بن ناشي وبركات بن الظريف شيخ القراء إلى الخليفة وهو يقول: "اعمل برقك إلى السفر فإنه لا بد من سفر السلطان إلى حلب، وأنه ينفق ويخرج في شهر واحد". .. فتنكد الخليفة لهذا الخبر.

وفي يوم الأحد ثالثه جلس السلطان بالميدان وعرض الأمراء الطبلخانات وخاصكية الخواص، وعين منهم جماعة للسفر. ثم طلع ودخل إلى قاعة البيسرية وفتح الحواصل وأخرج منها عدة سروج بلور وعقيق وكنابيش زركش وسروج ذهب وبركستوانات فولاذ مكفتة بذهب وغير ذلك، وأفرد منها ما حسن بباله لأجل الطلب إذا خرج وسافر … وهذا كله حتى يشاع بين الناس سفر السلطان إلى حلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>