الأوقاف، وخرج ابن شقيرة التاجر الذى من مرجوش، ومن تجار الهرامزة وغير ذلك من التجّار والأعيان من مشاهير الناس، فهؤلاء خرجوا فى ذلك اليوم، ثم تبعها طائفة أخرى يأتى الكلام عليها. وكانت هذه الواقعة من أبشع الوقائع المنكرة التى لم يقع لأهل مصر قط مثلها فيما تقدم من الزمان، وهذا عبارة على أنه أسر المسلمين ونفاهم إلى إسطنبول.
وفى يوم الثلاثاء حادى عشرينه أشيع بين الناس أن ابن عثمان كان فى أصبعه خاتم (١) من الفضة، وهو مرصود للمقابلة، وكان يتبرّك به، فسقط من أصبعه فى البحر وهو بالمقياس فتأسّف عليه غاية الأسف، وأحضر الغطّاسين فغطسوا عليه عدّة مرار فلم يجدوه فى ذلك المكان، ويقال إن هذا الخاتم كان فى ذخائر أجداد ابن عثمان حتى فقد منه.
وفى أواخر هذا الشهر أرسل ابن عثمان يقول لأمير المؤمنين: اعمل يرقك حتى تسافر إلى إسطنبول. فلما تحقق الخليفة ذلك اضطربت أحواله وشرع فى عمل يرقه، وقالوا له: سافر أنت وأولاد عمّك خليل وصهرك محمد بن خاص بك. فلما بلغهم ذلك تنكّدوا أجمعين. - وفيه نزل ابن عثمان بالرخام الذى فكّه من القلعة فوضعه فى صناديق خشب، ونزل به فى المراكب ليتوجّهوا به إلى إسطنبول. ومن العجائب أن السلطان الغورى ظلم أولاد ناظر الخاص يوسف وأخذ رخام قاعتهم التى تسمى بنصف الدنيا وجعل ذلك الرخام فى قاعة البيسريّة، فسلّط الله تعالى عليه بعد موته من أخذه من البيسريّة ولم ينتفع به أحد من بعده، والمجازاة من جنس العمل. - وقد خرج هذا الشهر عن الناس وهم فى أمر مريب مما جرى عليهم من ابن عثمان، ومن حين فتح عمرو بن العاص مصر لم يقع لأهلها شدّة أعظم من هذه الشدّة قط.
وفى جمادى الأولى كان مستهلّ الشهر يوم الجمعة، ففى ذلك اليوم خرج المقرّ العلاى على بن الملك المؤيد أحمد بن الملك الأشرف أينال، وكان تعين إلى السفر إلى إسطنبول فخرج فى ذلك اليوم، وخرج جماعة من الفقهاء وأعيان التجّار ممن تعيّن